تونس | غداة اغتيال المعارض التونسي محمد البراهمي، شل أمس إضراب عام البلاد بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل، بينما أعلن الرئيس المؤقت محمد منصف المرزوقي، تنظيم جنازة وطنية للشهيد اليوم السبت، حيث سيدفن الى جانب المناضل شكري بلعيد في مقبرة الجلاز في تونس العاصمة.
وفيما أعلنت أرملة البراهمي امباركة عواينية البراهمي، رفضها قبول التعازي من الترويكا الحاكمة، ومن أعضائها في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) من زملاء الشهيد، سحب كل من الجبهة الشعبية والحزب الجمهوري وحركة نداء تونس نوابهم من المجلس التأسيسي، فيما علّق حزب المبادرة عضوية ممثليه. كذلك استقال النائب عن التيار الشعبي (الذي أسسه البراهمي) مراد العمدوني من «التأسيسي».
ولعل ابرز الخطوات كان أمس الاعلان عن إنشاء جبهة الإنقاذ الوطني، وتضم أبرز الأحزاب السياسية والجمعيات، ويُنتظر أن يلتحق بها الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الأعراف وعمادة المحامين التي دعت إلى استقالة الحكومة وحل المجلس التأسيسي بدورها.
وسارت تظاهرات الغضب في كل مكان رافعة شعاراً واحداً: «تسقط حركة النهضة يسقط زعيمها راشد الغنوشي».
في الوقت نفسه، سجل الدينار التونسي انهياراًَ لم يعرفه منذ وقت طويل، في وقت ألغت فيه الخطوط الجوية التونسية كل رحلاتها من والى تونس طيلة يوم أمس.
وفيما حاول الرئيس المرزوقي، ورئيس الحكومة علي العريض، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، التخفيف من الغضب الشعبي بالتأكيد على أن الاغتيال يستهدف عرقلة المسار الانتقالي و«التنكيد» على التونسيين وهم بصدد إنهاء كتابة الدستور وتحديد موعد الانتخابات، التقت كل قوى المعارضة على اتهام حركة النهضة بالمسؤولية السياسية والأخلاقية عن اغتيال البراهمي وقبله شكري بلعيد ولطفي نقض. ومنذ الصباح تجمع الآلاف أمام المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل، فيما نظم المحامون مسيرة من المحكمة الابتدائية في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة.
ودعت كل الأحزاب والجمعيات الموقعة على بيان جبهة الإنقاذ، إلى الالتحاق بساحة المجلس التأسيسي وإعلان الاعتصام إلى حين حل المجلس ورحيل الحكومة. وبدأ شبان آخرون في مدينة صفاقس باعتصام مماثل أمام مقر المحافظة ضد «النهضة»، فيما حمّل الناطق الرسمي باسم حركة الشعب (انسحب منها البراهمي قبل أيام) زهير المغزاوي، أن الشهيد محمد البراهمي لا يزال رسمياً وقانونياً هو الأمين العام للحركة. واتهم «النهضة» باغتياله. وتوعدها بالعمل مع كل القوى التقدمية بالسقوط.
وقال المغزاوي في مؤتمر صحافي إن مناضلي الحركة لن يغادروا الشوارع والساحات حتى سقوط الترويكا وحل المجلس التأسيسي الذي وصفه بالمهزلة. ودعت الجبهة الشعبية إلى حل المجلس التأسيسي وتأليف حكومة إنقاذ وطني لا يترشح أعضاؤها للانتخابات، وتنظيم الانتخابات في خلال ستة شهور.
وقد تبنت هذا المطلب غالبية القوى السياسية والجمعيات؛ منها حركة نداء تونس التي طالبت بحل المجلس التأسيسي وكل السلط المنبثقة عنه، بما يعني استقالة الحكومة والرئيس. الموقف نفسه اتخذه كل من حزب المسار الديموقراطي الاجتماعي والحزب الاشتراكي وحزب العمل الوطني الديموقراطي وبعض الجمعيات المهمة مثل شبكة «دستورنا» و«كلنا تونس».
من ناحيته، رأى الاتحاد العام التونسي للشغل أنه لا بد من إيجاد صيغة أخرى لإنهاء المرحلة الانتقالية، وهو نفس موقف اتحاد الأعراف.
نظرياً يبدو استمرار الترويكا صعباً، فلأول مرة تلتقي المعارضة على أهداف مشتركة وواضحة ومحددة، ولأول مرة تكون مدعومة من الجمعيات الشبابية. أما المطالب التي رفعتها جبهة الإنقاذ الوطني في أول بياناتها، فهو المطالب نفسها لحركة تمرد، التي تدعو إلى حل المجلس التأسيسي.
وفي الوقت الذي دفعت فيه وزارة الداخلية بتعزيزات أمنية كبيرة لتأمين مقر المجلس الوطني التأسيسي ومقر الحكومة في القصبة والمراكز الحيوية للدولة، حذرت «النهضة» وحليفاها «التكتل» و«المؤتمر» من السيناريو المصري، ومن استهداف الشرعية. وكانت حركة النهضة فد دفعت بعشرات الشبان من أنصارها إلى تعنيف المتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة أول من أمس، كما حاولوا اقتحام مقر اتحاد الشغل.