جبل محسن حي صغير في طرابلس. كل ما فيه منها. الطعام والماء والتراب والهواء. لا شيء فيه لا يشبه عاصمة لبنان الثانية. بعد الانفجارين في المدينة، أمس، وضع كثيرون في الجبل أياديهم على قلوبهم. أكثر أولادهم يعملون هناك. حتى المساء لم يكونوا قد حسموا إن كان سقط منهم شهداء، لكن الخبر الأكيد كان سقوط خمسة جرحى من أهالي الجبل.
منذ اللحظات الأولى بعد الانفجارين، خرجت أصوات من «الحي» تدعو إلى التبرّع بالدم. ونُظمت حملة لهذه الغاية. صفحة «الحزب العربي الديمقراطي» على «الفايسبوك» أعلنت الحداد، ونشر القائمون عليها أسماء الجرحى، وهم بالمئات. أما لفظة «شهداء» فكانت بالنسبة إليهم «من البديهيات، لأن كل شهيد سقط فهو شهيدنا وشهيد كل لبنان، دمه دمنا، والقاتل واحد يتربّص بنا جميعاً... لا مكان اليوم إلا لصوت العقل ولملمة جراح بعضنا البعض». بهذه الكلمات علّق القيادي في الجبل علي فضّة في اتصال مع «الأخبار». أما الرصاص الذي كان ينهال على الجبل، فعلّق عليه فضّة: «لقد تعوّدنا على ردود الفعل هذه، القاتل الذي يصنع الانفجارات أصلاً يريدنا أن ننجر إلى ردود فعل، يريد الفتنة على نطاق واسع، ولكن لن ننجر إلى رد فعل مهما حصل».
رئيس الحزب في الجبل رفعت عيد دعا عبر الأجهزة اللاسلكية الى «عدم الانجرار إلى رد فعل مهما حصل». وفي اتصال مع «الأخبار» أكّد عيد «أننا واعون لخطورة ما يحصل، القاتل هو نفسه من العراق إلى سوريا ولبنان، من الرويس في الضاحية إلى طرابلس في الشمال، وكل المنطقة الغارقة في الدماء». ودعا «مجدداً الجميع إلى لغة العقل، وننادي السيد حسن نصرالله وسعد الحريري للاستعجال بتأليف حكومة وحدة وطنية، لأننا كلنا في خندق واحد وبتنا كلنا ضحايا».
حال الألفة والشعور بالتضامن كانت غالبة في الجبل. يدركون أن الخطر «ليس بعيداً عنا، إذ لم يعد أحد في لبنان يمكنه القول انه في منأى عن الخطر، ولا نعلم في أي لحظة يحل الموت في أي مكان». هذا ما يقوله فضة، إذ «لا مكان للمكابرة ولغة التجييش، من جهتنا سنرفع الغطاء عن كل من يُحرّض طائفياً».