القاهرة | القاهرة تراقب بصمت ما يجري في سوريا؛ فهي تخشى إعلان أي موقف يمكن أن يؤثر على علاقاتها بدول داعمة لما يعرف بالثورة السورية وتعدّ من أشدّ حلفائها، كالسعودية، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن تخفي امتعاضها من دول أخرى هاجمتها مراراً في الآونة الأخيرة، كتركيا والولايات المتحدة، وتستعد لحملة عسكرية على بلاد الشام، لا ترى فيها سوى جزء من حملتها على المنطقة. وإن كان المسؤولون من سياسيين وعسكريين، قد التزموا الصمت وفضلوا التريث والمراقبة من بعيد، غير أنّ خبراء عسكريين أطلقوا العنان لأنفسهم، ليعبروا عن اعتراض الإدارة المصرية الحالية لأيّ ضربة عسكرية على سوريا.«شهوة الضربة العسكرية تتملك أوباما»، بهذه الجملة وصف الخبير الاستراتيجي المحاضر في أكاديمية ناصر العسكرية، اللواء طلعت مسلم، حال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي تلاحقه تهديدات من دافعي الضرائب لتورطه في تخصيص مبلغ قدّرته الحكومة الأميركية بثمانية مليارات دولار لدعم نظام «الإخوان المسلمين» في مصر.
وقال موسى لـ«الأخبار»: «لا أعتقد أنّ الإدارة العسكرية المصرية تخضع لوسائل الضغط التي تقوم بها الإدارة الأميركية، على اعتبار أن مصالح مصر مرهونة بمعونة الولايات المتحدة التي تلوّح بها».
وأضاف أنّ «القراءة الوحيدة لمصر وسوريا، أن الثانية امتداد استراتيجي مهمّ من ناحية الشمال الشرقي للأولى، وبناءً عليه لن نتخلى عن دورنا في المساندة المدروسة غير المتسرعة، وخصوصاً أن الجميع يعلم خلفيات تكوين الجيش الحر في سوريا الذي يدير معارك ضد البلاد والعباد لإعلان مشروع الخلافة»، مضيفاً أنه «في الوقت نفسه، إن مصر رصيد استراتيجي للولايات المتحدة، لا يمكن أن تتخلى عنها لارتباطها الوثيق بمصالحها، والدليل القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن، والتي أوصت بدعم الشعب المصري وحماية مقدراته مع التعجيل بعملية إرساء الديموقراطية وتشكيل حكومة مدنية».
وقال إنّ «الإدارة المصرية تنتظر تحديد الضربة العسكرية، إن صحّت، ولم تأت من باب التهويل والضغط الأميركي لا أكثر، لتتابع كيفية قيام الجانب الأميركي بضربته المزعومة، وخصوصاً أنها لوحت بذلك مراراً».
ورأى أنّ الولايات المتحدة «تراهن على كيانها من أجل حلم الهيمنة والسيطرة على العالم، في الوقت نفسه تتأهب روسيا لاستعادة دورها المسلوب، وعلينا أن نترقب الوضع، وألا نتعجل، وخصوصاً أن المساعي السياسية تسير على قدم وساق ولا يوجد ما يجهض المحاولات الديبلوماسية للحيلولة دون التهور السياسي والعسكري».
بدوره، رأى اللواء أحمد عبد الحليم، عضو المجلس الخارجي للشؤون الاستراتيجية، في حديث لـ«الأخبار»، أنّ «لعبة المصالح» هي المحدد الرئيسي في هذه العملية العسكرية. ورأى عبد الحليم أنّ صمت الإدارة المصرية عما يحدث في سوريا لا يعني بالضرورة التخاذل عن دعمها، وإن كان دبلوماسياً، غير أن التأني في دراسة الأوضاع، وخاصة أن المشهد العام في مصر مشتعل حالياً، يعتبر ركيزة أساسية لدى مصر.
هاني الأعصر، الخبير الأمني في مركز «الاهرام» الاستراتيجي، أوضح لـ«الأخبار»، أنّ صور تقديم الدعم المصري للحكومة السورية مختلفة، ولها أكثر من منحى، فقد يكون هناك تعاون لوجستي من خلال إمدادات الأسلحة والذخائر والخبراء إن دخلت الأمور في طور المعركة الحقيقية، وقد يكون دعماً مخابراتياً معلوماتياً، ومن خلال تبادل المعلومات الخاصة بالدول.
غير أنه يضيف: «يبقى أن مصر لا تتمتع برفاهية إعلان دعم سوريا صراحة لأسباب كثيرة داخلية وأخرى خارجية، وخاصة أن الجبهات الغربية تبدو متشددة حول تفسير ما قام به الشعب المصري وامتثل له الجيش؛ أهو أنقلاب عسكري أم تنفيذ لإرادة المواطنين؟»، مؤكداً أنّ مصر لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يجري في سوريا».