منذ مطلع الشهر الجاري، بدأت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة في لبنان، تقليص حجم مساعداتها المباشرة التي تقدمها للاجئين السوريين. وموجب قرارها أن الدول المانحة التي وعدت بصرف مئات ملايين الدولارات للحكومة اللبنانية والهيئات الداعمة للسوريين، لم تف بالتزاماتها. بالنسبة إلى المفوضية على وجه الخصوص، فإن أوساطها تتحدث عن تلقيها مبلغ مليار و900 مليون دولار أميركي في هذا المجال. لكنه لا يكفي إلا لتغطية حاجات أقل من 30 في المئة من أعداد اللاجئين.

خطة المفوضية الجديدة تقضي بدعم 35 في المئة من اللاجئين وتوفير حاجاتهم من الطعام والمواد الغذائية والمساعدات الطبية. وتلك الفئة السعيدة الحظ تختارها المفوضية بنفسها لتبقى تحت خيمتها، بشرط أن تتوافر فيها على ذمة الأخيرة معايير محددة تجعلها تستحق الدعم أكثر من غيرها.
على سبيل المثال، تستمر المفوضية بدعم الأسر الأكثر فقراً التي لديها عدد أفراد كبير ولديها مشاكل صحية. علماً بأنّ الآلية الجديدة تطبق على اللاجئين المسجلين أو قيد التسجيل، أي من لديهم بطاقة لاجئ من المفوضية.
لكنها لا تنطبق على القادمين الجدد من سوريا. وكانت المفوضية وشركاؤها من هيئات المجتمع المدني اللبنانية والأجنبية، قد بدأت بتقليص مساعداتها على نحو تدريجي منذ أسابيع. مثلاً، تقلص حجم المساعدات الطبية وحُصرت بتغطية نفقات دخول اللاجئ للعلاج في المستشفيات في الحالات الخطرة فقط. أما العمليات الجراحية والأشعة والفحوصات المخبرية إلخ...
فقد تحددت عمرياً، بالأطفال ما دون الخمس سنوات والشيوخ ما فوق 64 عاماً.
المفوضية تركت هامشاً ضيقاً للاجئين للاعتراض على قرارها، إذا شملهم، ووضعت بين أيديهم طلب استئناف للقرار، يشرحون فيه عدم قدرتهم على الاستغناء عن مساعداتها.
ما هي تداعيات قرار المفوضية؟ دق رئيس اتحاد بلديات ساحل الزهراني علي مطر ناقوس الخطر في منطقته التي تعج باللاجئين السوريين، وتوقع وقوفهم بعد أيام في طوابير طويلة أمام البلديات ومكاتب الجمعيات المعنية للمطالبة بحقوقهم.
وتخوف من ردود فعلهم «التي قد لا تتوقف عند حد»، داعياً إلى ترقب ما قد يفعلونه بعد أن «مسّ أبسط حق إنساني وهو الطعام».
المفوضية نفسها أعلنت أمس في بيان لها أن عدد اللاجئين السوريين تجاوز مليوني شخص في لبنان ودول الجوار «في ظل انعدام بوادر على نهاية هذا التدفق المأسوي من
البشر».
ومع وصول متوسط عدد السوريين الفارين إلى الدول المجاورة إلى خمسة آلاف شخص يومياً، فإن «الحاجة لرفع مستوى المساعدات الإنسانية والدعم التنموي بشكل أكبر للمجتمعات المحلية المضيفة قد وصلت إلى مرحلة حرجة. ونظراً للضغط الذي يسببه تدفق اللاجئين على الدول المحيطة، بما في ذلك الآثار الاقتصادية المتدهورة، سوف يجتمع وزراء من العراق والأردن ولبنان وتركيا مع المفوضية في جنيف اليوم في مسعى لتسريع الدعم الدولي».