أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من «استسهال» واشنطن التدخل العسكري في شؤون الدول الأخرى، داعياً المجتمع الدولي إلى توظيف استعداد سوريا لوضع سلاحها الكيميائي تحت رقابة دولية في تعزيز المسار السلمي لحل الأزمة في هذا البلد. لكن في موضوع ما نقل عنه انه ينوي تزويد ايران بصواريخ «اس 300» الأرض جوية، نفى المتحدث باسمه دميتري بيسكوف، هذا الأمر.
وفي مقالة خاطب بها الشعب الأميركي مباشرة ونشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، رحب الرئيس الروسي أمس باهتمام نظيره الأميركي بارك أوباما، بمواصلة الحوار مع روسيا حول الشأن السوري.
واعتبر بوتين أن «الضربة العسكرية ضد سوريا قد تقوّض الجهود المتعددة الأطراف لتسوية المسألة النووية الإيرانية والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وتؤدي لاحقاً إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. الضربة ضد سوريا قد تخلخل منظومة القانون الدولي برمتها».
واتهم بوتين المعارضة السورية باستخدام السلاح الكيميائي بغية التحريض على تدخل عسكري خارجي ضد نظام الرئيس بشار الأسد، قائلاً «لا أحد يشكك في حقيقة استخدام المواد الكيميائية السامة في سوريا، إلا أن ثمة أساساً للاعتقاد بأن الجهة التي قامت بذلك هي قوات المعارضة وليس الجيش السوري، والهدف من ذلك هو حض رعاتهم في الخارج على التدخل العسكري في سوريا».
ودعا بوتين إلى «عدم تجاهل الأنباء التي تتحدث عن أن مقاتلي المعارضة يعدّون لهجوم كيميائي جديد، وهذه المرة ضد إسرائيل».
وكرر بوتين موقف بلاده بأن ما يجري في سوريا «ليس كفاحاً من أجل بسط الديموقراطية بل مواجهة مسلحة بين الحكومة والمعارضة في دولة متعددة الأديان»، مشيراً إلى أن «من المقلق أن الولايات المتحدة باتت تستسهل التدخل العسكري في شؤون الدول الأخرى، وتساءل «هل هذا في مصلحة الولايات المتحدة على المدى البعيد؟ أشك في ذلك. الملايين من سكان العالم أصبحوا أكثر فأكثر لا يرون في الولايات المتحدة نموذجاً للديموقراطية، بل رمزاً للقوة الغاشمة التي تستجمع حولها حلفاء وفق مبدأ من ليس معنا فهو ضدنا».
وعلق بوتين على الكلمة التي وجهها أوباما مساء الثلاثاء الى مواطنيه وقال فيها ان الولايات المتحدة لديها دور «استثنائي» ينبغي ان تضطلع به، قائلاً إنه من الخطأ لأي قوة ان تفترض بان لديها دور زعامة فريدا.
وكتب «من الخطورة الى حد بعيد ان نشجع الناس على ان يعتبروا انفسهم استثنائيين ايا كان الدافع»، مؤكداً نحن «جميعنا مختلفون، لكن حين نطلب بركة الله، علينا الا ننسى ان الله خلقنا متساوين».
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «كومرسانت» الروسية لأول مرة تفاصيل الخطة الروسية حول سوريا، مشيرة الى انه تم تسليمها الثلاثاء الماضي الى الطرف الأميركي، رغم أن روسيا لم تعلن تسليم الخطة الى الأميركيين سوى أول من أمس.
وتنص الخطة في المرحلة الأولى على انضمام دمشق الى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حسبما نقلت «كومرسانت» عن مصدر دبلوماسي روسي. ثم تفصح سوريا عن مواقع تخزين وصنع الأسلحة الكيميائية، على ان تسمح في المرحلة الثالثة لمفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتحقيق بشأنها. وتقضي المرحلة الاخيرة من الخطة بتحديد كيفية تدمير الاسلحة، وذلك بالتعاون مع المفتشين.
وذكرت «كومرسانت» التي تُعرَف بمصادرها القوية في وزارة الخارجية، انه لم يتم الاتفاق بعد على الجهة التي ستتولى تدمير الأسلحة، من دون ان تستبعد امكانية قيام الولايات المتحدة وروسيا معاً بهذه العملية.
وفي وقت لاحق، تحدث مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، عن لقاء الرئيسين الروسي بوتين والإيراني حسن روحاني، اليوم الجمعة على هامش قمة مجموعة شنغهاي للتعاون في العاصمة القرغيزية بيشكك.
وقال أوشاكوف «أنا واثق بأن اللقاء المرتقب سيتناول مناقشة مختلف جوانب التعاون العسكري الفني بصورة مفصلة. ولقد قدمنا اقتراحنا ونأمل حل هذه المسألة».
وكان بيسكوف قد نفى صحة ما أعلنته مصادر إعلامية من أن الرئيس بوتين أصدر تعليمات بشأن صفقة بيع صواريخ اعتراضية متطورة من نوع «أس-300» إلى إيران.
وقال، في رد على سؤال عما إذا كان بوتين أصدر تعليمات بخصوص صفقة صواريخ لإيران، «لا».
وذكرت صحيفة «كومرسانت» أن بوتين قرر إنهاء المنازعة مع إيران حول صفقة أنظمة دفاع جوي صاروخية.
وجاء في الخبر الذي أوردته الصحيفة أن روسيا ستسلّم إيران، وفقا لقرار بوتين، خمس بطاريات صواريخ اعتراضية من طراز «أس-300 في أم» (أو «أنتي-2500») مقابل أن تتراجع إيران عن مطالبة روسيا بدفع تعويضات مقدارها 4 مليارات دولار لفسخ صفقة «أس-300» التي تم توقيعها في عام 2007 وألغاها رئيس روسيا في عام 2010 تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي بشأن حظر تصدير الأسلحة الحديثة إلى إيران.
(«الأخبار»، أ ف ب، رويترز)