لم يكن لدى السلطات اللبنانية مجتمعة، حتى مساء أمس، سوى لبناني واحد موقوف في قضية غرق «عبّارة أوستراليا». أوقف هذا اللبناني بشبهة «الترويج» بين الناس لمصلحة «أبو صالح». كلمة الناس هنا تُختصر بالفقراء والمساكين، أو «المعترين»، بحسب وصف وزير العدل شكيب قرطباوي، الذي كان قد دعا النيابة العامة التمييزية إلى فتح تحقيق عاجل في ملابسات الكارثة.
كشف قرطباوي لـ«الأخبار» أن ثمّة شخصاً آخر مشتبهاً فيه بـ«الترويج» أيضاً، لم توقفه الأجهزة الأمنية بعد، وهو قيد الملاحقة. هناك أشخاص آخرون، أيضاً، مطلوبون للتحقيق، لكن «الشبهة التي تدور حولهم ليست الترويج، بل بيع تذاكر السفر للذين سافروا على متن العبارة، وسواهم في السابق أيضاً، وبالتحقيق معهم سيتبيّن إن كانوا على علم بأن تلك التذاكر مزوّرة أو لا... تلك الرحلات بدأت بالعبث في أحلام الفقراء قبل نحو عام، لنقلهم إلا أوستراليا، وهي بمجملها رحلات غير شرعية وخارج إطار القوانين».
ماذا عن «أبو صالح» الذي ذاع اسمه بعد شيوع خبر الكارثة؟ يوضح قرطباوي أن هذا الشخص العراقي الجنسية، الذي «لا يبدو أنه مقيم على الأراضي اللبنانية، أخذ جهاز «الإنتربول» علماً به، وقد بدأ تحرّياته لكشف هويته الحقيقية، بغية ملاحقته وتوقيفه أينما كان، ذلك لكون الجرم المرتكب عابراً للحدود، وتُعنى به الكثير من الدول». لم تنته التحقيقات (المحلية) بعد، وربما كانت في بدايتها، لكن ما ثبت من خلالها حتى الآن «أن ركّاب العبّارة التي غرقت بين إندونيسيا وأوستراليا مضى على وجودهم في إندونيسيا نحو شهرين، وقد صدرت مذكرات بحث وتحرٍّ بحق أشخاص يقيمون الآن على الأراضي الإندونيسية، هم ضمن عصابة متعددة الجنسيات، وبينهم لبنانيون، ولديها نشاط على الشواطئ الأوسترالية».
من جهته، دعا رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، النائب ميشال موسى، إلى «إنشاء لجنة تحقيق دولية تتولى مع الدول المعنية ضبط مثل هذه العمليات غير المشروعة، التي يذهب ضحيتها سنوياً مئات الأشخاص». وفيما أكّد قرطباوي «تعاون أوستراليا» عبر سفارتها، طالب موسى المجتمع الدولي «بتحمّل مسؤوليته في منع الهجرة غير الشرعية، للحؤول دون وقوع الناس ضحية مافيات تتاجر بالبشر، مستغلة ظروفهم الإنسانية في بلدانهم». حسناً، ماذا عن مسؤولية لبنان تجاه أبنائه؟ تلك حكاية أخرى... بل تلك أصل الحكاية.
هكذا، أصبح لبنان من تلك الدول التي تعاني مشاكل «هجرة غير شرعية». كان اللبنانيون يسمعون، سابقاً، أخباراً كهذه تأتي من دول بعيدة عنهم، كأنها في الفضاء الخارجي. اليوم يجدون أنفسهم، في قلب هذه الظاهرة العالمية التي يذهب ضحيتها آلاف البشر سنوياً. بات عليهم أن ينصتوا جيداً إلى أخبار القرن الأفريقي (الصومال) وباب المندب، والمسافة الفاصلة بين شمال أفريقيا وسواحل إيطاليا، وكذلك مضيق جبل طارق الفاصل بين جحيم المغرب العربي وجنة بلاد الأندلس.


يمكنكم متابعة محمد نزال عبر تويتر | Nazzal_Mohammad@