كتب المخرج السوري سيف الدين السبيعي ذات مرّة عبر صفحته الشخصية على الفايسبوك ساخراً من برنامج «هيدا حكي» بأنّه تقع على عاتق عازف الغيتار شادي الناشف مهمة أصعب من العزف في البرنامج، إذ «عليه الإصغاء أيضاً إلى النكات السخيفة التي يطلقها مقدّم البرنامج الممثل اللبناني عادل كرم طيلة الحلقة وإجبار نفسه على الضحك عليها». مع الوقت، يتبين أنّ المخرج السوري لم يظلم البرنامج الذي تعرضه mtv. هذا على الأقل ما لمسناه في حلقة أول من أمس التي استضافت قصي خولي الذي يطلّ في رمضان بمسلسل «جريمة شغف» (كتابة نور الشيشكلي، إخراج وليد ناصيف).
الحلقة ركزت على الوشم والانتماء الدينيين
النجم السوري كثّف ظهوره الإعلامي أخيراً بشكل غير مدروس قد يسيء إلى حضوره الفني، وبخاصة أنّه يفتقر إلى ملكة الحديث الإعلامي السلس، وثقافة الحوار العميق، ما يجعل حضوره خفيفاً بطريقة ربما تنسجم مع الهدف التجاري والاستهلاكي للتلفزيون. آخر ما حرره نجم «أراب كاستينغ» كان حديثه في برنامج «ع البكلة» («الجديد» ــ كل جمعة 20:40) عن عودة لواء اسكندرون إلى الحضن السوري بثقة مطلقة ناتجة ربما من عاطفة الفنان المرهف الذي يطلق أمنيات طيبة مهما كانت مجافية للمنطق. على أي حال، الكلام ذاته تكرر بصيغة مختلفة في «هيدا حكي». لم تكن المشكلة هنا، بل كانت في تماهي الفنان مع ما عرف عن mtv من طائفية وانتماء يميني مسيحي وعنصرية علنية تبدأ من تقارير نشرات الأخبار ولا تنتهي في البرامج.
منذ فترة، راح خولي يتباهى بانتمائه الديني بطريقة لا تليق بشخصية عامة ومن تصنّفهم المجتمعات على أنهم من النخب، وخصوصاً من شخصية وطنية بحقّ. حدث ذلك عندما صوّر ذات مرّة وشماً على جسده يبيّن انتماءه الديني ونشره على حسابه على انستغرام، ومن ثم راح يعبّر في أحاديث إعلامية عن احترامه لديانته ورفضه أن تكون شريكة حياته المستقبلية منتمية إلى ديانة مختلفة. أما في حلقة أوّل من أمس من «هيدا حكي»، فقد قرر النجم السوري المعروف مواصلة السباحة في وحل الانتماءات الضيقة ودغدغة «الهويات القاتلة»، والغرق أكثر في مستنقعات لا تشبه فناناً يملك كل هذه الجماهيرية. هكذا، استجاب خولي لطلب كرم كشف وشم طفولته الذي يعبّر عن ديانته، ثم استقبل منه بمنتهى الطاعة مسبحة تحمل رمزاً دينياً، ولم تنفع المناورات المفضوحة بتورية القصة عندما حكى نجم «سرايا عابدين» عن توجهه نحو الإيمان من خلال وشمه الأخير بجملة «من آمن بي فسيحيا»... تركيز مريب على «الهوية الدينية» في محاولة mtv لدغدغة المشاعر والغرائز. لم تتوقف المشكلة عند هذا الحد، بل انزلق خولي إلى الحديث المفصّل والمنفر عن حساسيته من الروائح السيئة وربط ذلك بالجنس اللطيف كونه «أشهر عازب» كما سماه مقدم البرنامج، ثم هوت الحلقة إلى ذكورية مبتذلة حين حمل كرم همّ ضيفه كونه يعيش في الفندق وحيداً هذه الأيام، فسأله خولي «بدك تجبلي بنت»؟!
لو حيّدنا هذه الحماقة الإعلامية وجرّبنا التركيز على ما هو أخطر منها وهو التعصب الديني الذي بات يحاصر كل المجتمعات بدون استثناء بعد دخول التيارات المتطرفة وانتشار التهديد والوعيد بذبح الأقليات، ما دفع الكثير من السوريين إلى الانكماش داخل شرنقتهم الطائفية. المشكلة أنّ هذه الآفة وصلت إلى فنانين وقعوا في هذا المأزق الخطير، ومنهم من سمح لمحطات إعلامية بالتعريف عنه باسم طائفته. هذا ما حصل مرةً مع ريما فليحان على إحدى القنوات الإخبارية، قبل أن يبدأ السيناريست فؤاد حميرة بالمجاهرة باسم طائفته، ثم يتجه إلى المتاجرة بالقصة ويؤسس تياراً يحمل اسم طائفته.

«هيدا حكي» كل ثلاثاء 21:30 على mtv