تبدّلت قواعد اللعبة. دخل «الاستشهاديون» على خطّ المعركة. وبـ«الأسلوب العراقي» نفسه، استُهدف مبنى السفارة الإيرانية بتفجيرين. الأوّل تمهيدي لفتح الطريق أمام الثاني. هكذا أعلن «حَمَلة الأحزمة الناسفة» بدء مرحلة جديدة من المواجهة على الأراضي اللبنانية. بكبسة زرٍّ، حوّلوا لبنان من «أرض نُصرة» إلى «أرض جهاد». نفّذوا التهديدات السابقة، محمّلين المسؤولية لحزب الله بسبب مشاركته في القتال داخل الأراضي السورية.
لم يكد دويّ التفجيرين يهدأ حتى تبنّى الشيخ اللبناني في تنظيم «كتائب عبدالله عزّام» سراج الدين زريقات «العملية الاستشهادية» في تغريدة على «تويتر»، معلناً أنّ المُنفِّذين «بطلان من أبطال أهل السنّة في لبنان»، مطلقاً على العملية اسم «غزوة السفارة الإيرانية في بيروت». دخل لبنان، أمس، عصر حربٍ مفتوحة بأبشع التجليات، المواجهة فيها ليست سهلة أبداً. وخرج معها إلى العلن، للمرة الأولى، فرعٌ جديد من فروع «كتائب عبدالله عزّام». فإضافة الى «سرايا زياد الجرّاح» المعروفة، كشف زريقات عن «سرايا الحُسين بن علي»، محذّراً من أنّ «العملياتُ في لبنان مستمرة ـــ بإذن الله ـــ حتى يتحقق مطلبان، الأول سحب عناصر حزب إيران من سوريا، والثاني فكاكُ أسرانا من سجون الظلم في لبنان».
لم يكن التفجيران اللذان هزّا بيروت أمس متوقّعين في توقيتهما. جاءا مباغتين. ورغم الجو العام الذي كان يوحي باحتمال كبير لتفجير سيارة مفخّخة انتظرها الجميع في العاشر من مُحرّم، إلّا أنّ القاتل قرّر غير ذلك، وأراد للسبحة أن تكرّ بعد تفجيري بئر العبد والرويس في آب الماضي. فهل تقف فعلاً «كتائب عبدالله عزّام» وحدها خلف تفجيري السفارة الإيرانية، علماً أن الرسائل الاستخباراتية غير مستبعدة تماماً؟ وفي هذا السياق، تكشف معلومات أمنية لـ«الأخبار» أنّ «الدولة الإسلامية في العراق والشام» اتّخذت قراراً، أخيراً، بـ«تنفيذ عمليات انتحارية ضد أهداف شيعية في لبنان»، لافتة إلى أنّ «بنك الأهداف يتضمّن أيضاً شخصيات سنية تدور في فلك حزب الله». وتشير المعلومات، التي تتقاطع مع أكثر من جهاز أمني، إلى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» ينوي جدياً نقل المواجهة مع حزب الله إلى داخل الأراضي اللبنانية. وتعزّز هذه الفرضية اعترافات الموقوف حسّان م. الذي أوقفه فرع المعلومات في إحدى البلدات البقاعية. إذ أقرّ بأنّه باع سيارته إلى أشخاص ينتمون إلى تنظيم «الدولة الإسلامية». وكشف أنّه بعد ضبط السيارة المفخّخة في منطقة المعمورة في الضاحية الجنوبية، احتجّ لدى أمير «الدولة الإسلامية» أبو عبدالله العراقي على تفخيخ السيارة رغم أنّها لا تزال مسجّلة باسمه. فأبلغه العراقي بأنّهم لم يُفخِّخوا سيارته، وإنما استخدموها لـ«نقل استشهاديين باعتبار أنّها شرعية، لكن حزب الله اعتقل الأخوة الذين كانوا يستقلّونها، وظهّر الأمر إعلامياً وأمنياً على أنّه ضبط سيارة مفخخة كي يُبقي على المعتقلين لديه». وتكشف المعلومات الأمنية عن تورّط هؤلاء في تفجير الرويس أيضاً، مشيرة إلى أنّ واضعي السيارة المفخخة جاؤوا عبر عرسال بالتنسيق مع أحد أبناء البلدة البقاعية. وبحسب المصادر الأمنية، «ما يسري على التحقيقات في سيارتي الرويس والمريجة، قد ينسحب أيضاً على تفجيري السفارة الإيرانية». إذ إنّ «المخطَّط والدافع والأسبقيات موجودة». وبذلك، يكون تنظيم «الدولة الإسلامية» بقيادة «الأمير أبو بكر البغدادي» أعلن الحرب في لبنان. وهذا احتمال يقابله احتمال آخر حول وجود تنسيق بين «الدولة الإسلامية» و«كتائب عبدالله عزّام»، لا سيّما أنّ امكانات التنظيم العراقي أكبر وقدراته التنفيذية أعلى، على ان يُعهد إلى «الكتائب»، بشخص زريقات، تبنّي العملية، علماً أن المعلومات الأمنية تُشير إلى أنّ الأخير موجود في سوريا منذ أكثر من عام، وهو يتردد إلى الأراضي اللبنانية بين حين وآخر. وتشير المعلومات أن الـ IP المستخدم في حسابه على «تويتر» يؤكّد وجوده داخل الأراضي السورية، وأنه استأنف النشاط على حسابه في الأيام القليلة الماضية. وليل أمس، اختفى الحساب عن «تويتر»، من دون أن يُعرف ما إذا كان الموقع حذفه، ام ان صاحب الحساب أغلقه، علماً بأن حساب «كتائب عبد الله عزام» اختفى بدوره.
في المقابل، تكشف معلومات أمنية أخرى لـ«الأخبار» عن وجود توجّه عام لدى قيادة «الكتائب» للدخول في مواجهة من هذا النوع مع حزب الله. وتشير المعلومات نفسها إلى أن «غرفة العمليات المتمثّلة بكل من الشيخ السعودي ماجد الماجد والشيخ الفلسطيني توفيق طه لن تتردّد لحظة في تنفيذ هجوم كهذا»، مستندة في ذلك إلى مضمون البيانات التحذيرية التي وجّهها الماجد لكل من «الشيعة وحزب الله بضرورة التبرّؤ من طاغية الشام والانسحاب من القتال في سوريا ضد أهل السنّة حقناً لدمائهم». وألقى الماجد الحجّة وفق قاعدة «أعذرَ من أنذر».

يمكنكم متابعة رضوان مرتضى عبر تويتر | @radwanmortada




شيخ «القاعدة» اللبناني

تبنّى الشيخ اللبناني سراج الدين زريقات باسم «كتائب عبدالله عزّام» ما سماه «غزوة السفارة الإيرانية في بيروت». وزريقات الذي أعدّت «الأخبار» تقريراً سابقاً عنه (14 آب 2012)، سبق أن أوقفته استخبارات الجيش اللبناني عام ٢٠١١ بتهمة القيام بنشاطات إرهابية، لكنه لم يمكث موقوفاً أكثر من ساعات. تُرك بعدها نتيجة تدخلات سياسية كبيرة، أبرزها وساطة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي اتصل من تركيا بقائد الجيش العماد جان قهوجي، مستنكراً توقيف زريقات من دون اعتبار لدار الفتوى كمرجعية ولكرامة العمّة التي يعتمرها الشيخ الموقوف. إثر ذلك، أُخلي سبيله ليعود إلى منزله. اختفى بعدها قبل أن يظهر بعد أشهر في تسجيل لـ «كتائب عبد الله عزام». وفي المعلومات أنه كان مقيماً في الطريق الجديدة، ويعمل في مجال التسجيلات الدينية، ويملك محلاً لبيع الأجهزة الخلوية. وتفيد المصادر الأمنية بأن زريقات كان ضالعاً في تجنيد شبّان لإرسالهم للخضوع لدورات عسكرية في كل من العراق وأفغانستان. وتُشير إلى أن الأخير كان يُرسلهم للتدرّب والقتال في أفغانستان عبر تركيا بواسطة أحد الجهاديين الأتراك يُعرف باسم «عُمر».