لم يكن حسن وبتول وداود وندى، وغيرهم، يعرفون ان حياتهم ستنتهي لمجرد مرورهم امام السفارة الايرانية في لحظة احتقان اقليمي ودولي. والعقل الجهنمي الذي تلذّذ لا شك وهو يشاهد أجسادهم تتحول أشلاء، لا يعرف هو الآخر شيئاً عن صراع المحاور. صار القاتلان وضحاياهما وقوداً في لعبة الكبار. وفي هذه اللعبة نلاحظ التالي:
لم تكد تمضي ساعتان على التفجير حتى كان الجيش السوري يعلن الدخول الى بلدة قارة الاستراتيجية في القلمون. التفجير ارهابي والجيش السوري يقول انه يحارب ارهابيين. لا بأس اذاً من ضوء اخضر لاستكمال معركته ضد الارهاب. التفجير مفيد.
الردّ الايراني بقي هادئاً جداً ومحمّلاً المسؤولية لاسرائيل وللتطرف. الرئيس حسن روحاني دعا الى تنسيق خطوات ضد هذا التطرف. تفجير بيروت مدخل كبير لتعزيز الفكرة الايرانية التي قابلها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من واشنطن، قبل فترة، بالدعوة الى جبهة عالمية ضد الارهاب. التفجير مفيد.
لم يؤثر التفجير على تسريع الخطى صوب المرحلة المقبلة من المفاوضات النووية. وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف زار روما، أمس، ورشحت اجواء ايجابية.
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي ازدادت عنده هستيريا «إيرانوفوبيا» بعد تقارب واشنطن وطهران يسارع للاستنجاد بموسكو. باتت روسيا محور التسويات. قريباً يزورها وفد المعارضة السورية، ووزير خارجيتها يجاهر بأن الاولوية الآن لمكافحة الارهاب وليس لتنحّي الاسد. التفجير اذاً مفيد.
الرئيس اللبناني العائد لتوّه من السعودية. اي من الدولة التي اتهمها امس وزير الاعلام السوري وبعض حلفاء دمشق بالوقوف خلف التفجيرات، سارع الى الاتصال بنظيره الايراني حسن روحاني. سمع سليمان كلاماً مفاده ان اطرافاً خارجية تحرّك المجموعات الارهابية المتطرفة. تعرف ايران تماماً من تقصد. الاجهزة اللبنانية تدرك انه في ايام عاشوراء تمت ملاحقة سيارات مفخخة لا تزال أربع منها مجهولة المصير. لا بد من توفير غطاء سياسي للجيش للقضاء على الارهاب او التخفيف منه. مقولة الامين العام لحزب الله بأن مكافحة الارهاب والتكفير والفتنة المذهبية لها الاولوية تثبت صحتها. التفجير مفيد.
صارت مكافحة الارهاب أولوية عالمية. لنتذكر ان جيمس كلابر، رئيس جهاز الاستخبارات الاميركي، كان أول من قال «ان القاعدة اخترقت المعارضة السورية المفككة». تبعته هيلاري كلينتون بقولها «نحن نعلم ان زعيم القاعدة ايمن الظواهري يؤيد المعارضة السورية، فهل نؤيد القاعدة؟». لنتذكر، أيضاً، ان اميركا كانت اول من وضع «جبهة النصرة» على لائحة الارهاب، وأول من جاهر بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية بما فيها القوى الامنية.
الآن، الارهاب صار اخطبوط المنطقة من سيناء الى سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا، وصولا الى المغرب العربي. كبر الخطر على المصالح الغربية، وبات يشكّل طوقاً حول اسرائيل.
لنفكر جيداً. أيهما اهم الآن بالنسبة لاميركا، دولة كإيران يمكن ان تساهم في ضرب الارهاب من افغانستان الى الشرق الاوسط، ام السعودية المتهمة منذ تفجيرات مركز التجارة العالمي حتى اليوم بتشكيل بيئة حاضنة لـ «القاعدة» وتسليح التكفيريين؟ ثم ايهما اهم، اسقاط النظام السوري، ام الحفاظ على الجيشين السوري والمصري، وتحسين شروط الجيشين العراقي والاردني، ومساعدة الجيش اللبناني على مكافحة الارهاب؟
لو فكّرنا جيداً، فان التفجير بهذا المعنى لم يخدم المخططين والمنفذين، وانما خدم المحور المستهدف به. لعل يد ايران وسورية وحلفائهما باتت، ابتداء من صباح الامس، طليقة أكثر من اي وقت مضى. ستكون طليقة عسكرياً في سورية، ودبلوماسياً على مستوى المفاوضات الدولية. التفجير، اذاً، اكثر من مفيد.
9 تعليق
التعليقات
-
التفجير مفيدالى العاقل في هذا المقال لو انك ذكرت يا اخي الكريم الالاف الموئلفه التي ماتت في سوريا من العرب باسم الجهاد والثوره المحوكة الخيوط لاضعاف سوريالوافقتك على اعاد حز الله من سورياوالذي كان اخر المتداخلين وللحفظ على وضعه. لا اعتقد ان سوري الجنسيه فنادرا ما يتفوه به السوريين عن السنه والشيعه فقد عشنا وترعرعنا وتعلمنا سويه. ان القنابل التي تحصد الابرياء حتى في مناطق المسيحيين تطال كثيرا من المسلمين ايضا. الا ترى في الحق المشروع من قبلك ان هولاء المتشددين قاتلوا في كل بقاع الارض من باكستان للبوسنه ولم يرموا فشكه واحده على اسرائيل يا للصدفه. ومتى كانت الديمقراطيه تقاس الاكثريه العدديه. حتى المعارضه السلميه من التنسيقيات عملاء للاجنبي فانا اعيش في المانيا ولست مواليا للاسد منذ ثلاثين عاما ولا املك نصف املاك واحد من هذه المعارضه ( من اين لك هذا).
-
من نظراته يبدو صقر يفكرمن نظراته يبدو صقر يفكر بكيفية لفلفلة الموضوع
-
متى يتعظ دعاة الارهاب وداعميه؟رب ضارة نافعة، أو كما يقول الاستاذ سامي كليب : "التفجير مفيد" لأن التفجير الإرهابي المروع الذي راح ضحيته مواطنون مسالمون عاديون أمس أظهر مدى انسداد أفق هذه المجموعات "الجهادية" التكفيرية ووحشيتها التي لا حدود لها ومدى يأس داعميها ورعاتها الخليجيين وعلى رأسهم السعودية التي غضبت عندما امتنعت أميركا عن ضرب سوريا كما أعلن كيري واتهام الرياض واشنطن بعدم "فعل ما يكفي" لدعم المعارضة السورية"! إذن دخل لبنان اعتباراَ من يوم أمس أتون عصر "الانتحاريين"،وجرى ضمه قسراَ وعنوة إلى العراق وسوريا، والسيناريوهات الدموية قادمة إذا لم يرجع السياسيون و"الوعاظ" والدعاة و"الشيوخ" إلى ضمائرهم وربهم ... ويرذلوا ظاهرة التطرف والتمذهب والعنصرية وتبرير العنف وذرف دموع التماسيح عند وقوع كل جريمة. العالم لن يتسامح مع الارهاب ولبنان يستحق أن يعيش.
-
متى يفيق العقلاءاين المشكلة في استهداف السفارة الإيرانية ؟ نعم ليس شرعي وليس اخلاقي ولا تقره الاديان والا الشرائع السماوية ولكن هل ذهاب حزب الله الى سوريا كذلك ايضا ؟ هل تهجير الملايين وقتل اكثر من مئة وخمسون الف انسان اخلاقي وديني ؟ اذن لكل فعل ردة فعل، ولا يمكن ان نحرق المنطقة حتى يبقى بشار الاسد في الحكم فهو في النهاية لن يبقى فلماذا لا نقلل من الخسائر ؟ ام تراكم تريدون استمرار الحرب ثمان سنوات كحرب العراق وايران ؟ السنة هم الأغلية في العالم الإسلامي ويعتقدون انهم يتعرضون لظلم بين ولحرب طائفية خاصة بعد وصول تلك المجاميع من العراق والتي كانت الى قريب تقبل يد المحتل الأمريكي، لا يجب ان يغتر العقلاء بكم شخص تم شرائهم على انهم من علماء السنة لكي يدافعون عن مشاريع ايران في المنطقة افيقوا ففي النهاية انتم تعيشون في محيط عربي واسلامي كبير ولن تستطيعوا هزيمة العرب القوميون منهم والاسلاميون.