تابع أبناء المخيمات الفلسطينية في بيروت التفجيرين الانتحاريين أمام السفارة الإيرانية أول من أمس بحذر. لم يتزحزحوا من أمام شاشات التلفزيون . راقبوا كل الأخبار العاجلة. هل ستلصق التهمة بالفلسطينيين؟ هل لهم علاقة بما جرى؟ لا أحد يعرف الإجابة عن هذه الأسئلة حتى الآن. مرّ يوم التفجير الأسود ببطء على أبناء مخيم برج البراجنة. كان الصمت سيد الموقف . «الوقت الآن ليس للتحليل»، يقول محمد، صاحب أحد السنترالات في المخيم. تدخل إحدى السيدات للاتصال بابنها الموظف في «قناة القدس» القريبة من مكان التفجير. لا «يعلّق» الخط. تحاول مرة أخرى، والنتيجة نفسها. «في ضغط على الشبكة يا حجة»، يجيبها. تخرج المرأة مع ارتفاع في درجة توترها.
أول من أمس، عاش الفلسطينيون التوتر مضاعفاً: خوف من «العرقنة» التي لطالما سمعوا عنها، وخشية من أن يكون فلسطيني متورطاً في التفجيرين. امتلأ فضاء المخيم بأصوات المراسلين .
في الأزقة الداخلية جلس شبان تسمرت عيونهم على الشاشات. لم يحللوا أو يناقشوا. شاهدوا بصمت، وكانت أعينهم تتحدث أكثر منهم. ما هي النظرة التي ستلاحقهم كحاملين لبطاقة لاجئ إن تبين أنّ منفذي التفجير فلسطينيان؟ مصطفى صاحب أحد الرؤوس الحامية في مخيم البرج يقول بغضب: «اتهمنا بتفجيري بئر العبد والرويس، ونظر إلينا كأننا من أرسل هذه السيارات ». «في كل مرة يحدث فيها تفجير نتهم فيه، الله ما قالها»، يقول الشاب العشريني. أكبر الحاضرين سعيد يسكته : «انضب بدناش مشاكل مع حدا».
انفجار بئر حسن لم يصب السفارة الإيرانية فقط، أو المدنيين الذين استشهدوا هناك. بل قتل بعض الأمان الباقي في قلوب اللاجئين. الخوف الآن سيد الموقف. والسؤال الأكثر انتشاراً: هل للفلسطينيين علاقة بالموضوع؟ لحظات ويصل خبر عاجل إلى هواتف الحاضرين: «رويترز: كتائب عبد الله عزام تتبنى عملية التفجير أمام السفارة الإيرانية». يلتفت الموجودون إلى بعض. «أكلناها »، يعلق أحدهم؛ إذ من المعروف أن مقر هذه الكتائب هو مخيم عين الحلوة. عادت المخيمات إلى الواجهة مجدداً.
في مخيم شاتيلا، كانت الطرقات شبه خالية. لا زحمة سير ولا باعة متجولين . تدخل المخيم من جهة منطقة الرحاب. صبرا على غير عادتها. أهدأ وأقل زحمة. هنا أيضاً تتوسط الشاشات الحضور. مرة أخرى، الشعور العام بأن الفلسطينيين متهمون. «يا أخي إحنا أقرب إشي ع مكان التفجير، إسا بقولوا السيارة كانت بالمخيم»، يقول عمر، أحد صيادلة المخيم.
لم يختلف نهار أمس كثيراً عن يوم التفجير. الحركة لا تزال خفيفة في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا. في البرج، أدخل مرور 24 ساعة من دون معرفة هوية منفذي التفجير الراحة في نفوس اللاجئين. «حتى الآن لسنا متهمين». وأسهم في ذلك انتشار شائعة بين سكان المخيم تقول إن منفذي التفجيرين جزائريان.
سياسياً، أصدرت فصائل منظمة التحرير وتحالف القوى الفلسطينية بياناً أدانت فيه التفجيرين . وقال مسؤول حركة «حماس » في لبنان علي بركة لـ« الأخبار» إنه «يجب التأكد من صحة الجهة التي تبنت العملية؛ إذ إن الشهيد عبد الله عزام الذي استهدفته إسرائيل لا يرضى بمثل هذه العمليات ». وأضاف: «لا يمكن تبني عملية بهذا الحجم عبر تويتر». وشدد على ضرورة «انتظار التحقيقات للكشف عن هوية منفذي التفجير وعمّا إذا كانوا ــــ لا سمح الله ــــ فلسطينيين، فلا يجب تحميل الشعب الفلسطيني المسؤولية، ومنفذ التفجير لا يمثل إلا نفسه». فيما رأى قائد المقر العام في حركة فتح منير المقدح، في اتصال لـ« الأخبار» ، أن «من قام بهذه العملية يخدم إسرائيل».
وأصدرت القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة مساء أمس بياناً أدانت فيه « شرعاً كل دم يسيل بغير حق، سواء كان في بيروت أو في أي مكان آخر »، واستنكرت «الاتهام الإعلامي الذي يسبق نتائج التحقيق، عند كل حدث أمني وتوجيه الاتهام مباشرة إلى المخيمات الفلسطينية، ومخيم عين الحلوة خصوصاً». وقد توجهت أمس، قيادات فلسطينية من مختلف الفصائل إلى السفارة الإيرانية لتقديم واجب العزاء بمن سقطوا.

يمكنكم متابعة قاسم س. قاسم عبر تويتر | @QassemsQassem