بعد انفجاري بئر العبد والرويس في الضاحية الجنوبية قبل أشهر، خرج بعض المواطنين في طرابلس إلى الشوارع مبتهجين و«شامتين»، وأطلق عدد منهم النار والمفرقعات النارية ووزعوا الحلوى لهذا الغرض. برروا هذا الفعل يومها بأنه رد على «شماتة» مماثلة سابقة قام بها البعض في الضاحية الجنوبية غداة سقوط مدينة القصير السورية.
إثر ذلك وقع انفجارا مسجدي التقوى والسلام في طرابلس في 23 آب الماضي، ولم تصدر أي «شماتة» بهذين التفجيرين لا في الضاحية ولا في غيرها، لا بل إن تضامناً وطنياً ولو شكليا برز لجهة استنكار كل القوى السياسية اللبنانية التفجيرين.
أول من أمس وقع انفجاران قرب السفارة الإيرانية في بيروت، وهو حدث كان من شأنه، في ظل الاحتقان السياسي والمذهبي القائم، أن يجعل «خصوم» محور المقاومة والممانعة، في طرابلس وغيرها، ينصبون خيم الاحتفال ابتهاجاً وشماتة.
لم يحدث شيء من هذا القبيل، مع أن كل العيون والآذان كانت مفتوحة في طرابلس، إعلامياً وأمنياً، لتلمس إن كان هناك مشهد «احتفالي» ما بانفجار السفارة الإيرانية، لكن آمالهم خابت، لأن طرابلس تعاملت مع الحدث من زاوية مختلفة.
مصدر أمني عزا سبب عدم إقدام الطرابلسيين على أي تصرف شامت إلى أمرين. الأول هو أن فاعليات سارعت إلى ضبط الشارع كي لا يقوم بأي تصرف غير مقبول، انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل، لأنه بعد وقوع تفجير المسجدين في طرابلس، لم تبدر أي شماتة في الضاحية أو غيرها.
أما الأمر الثاني، فهو أن قلقاً كبيراً سيطر على طرابلس غداة استهداف السفارة الإيرانية، سياسياً وأمنياً وشعبياً، خوفاً من أن تتعرض المدينة لتفجيرات مماثلة.
مصادر سياسية مطلعة لم تكتم قلقها من هذا الاحتمال. فبعدما اعتبرت أن «لبنان أصبح في عين العاصفة بعد استهداف السفارة الإيرانية»، أشارت إلى أن«انطباعاً يسود أغلب الأوساط السياسية والأمنية في طرابلس ولبنان، بأن السعوديين والإيرانيين يتبادلون الرسائل المتفجرة، مباشرة أو بالواسطة، نتيجة الصراع الواسع الدائر بينهما في المنطقة».
وتعتبر المصادر أن لبنان «كان في أغلب مراحل التوتر التي مرّ بها، انعكاساً لصراعات وحروب الآخرين على أرضه، لأن الأرضية فيه، نتيجة الانقسامات السياسية والطائفية والمذهبية والولاءات وتعارض المصالح، خصبة ومهيأة لذلك»، ما جعلها تبدي خشيتها، من أن «يتحول لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات بين السعودية وإيران».
انطلاقاً من هذه الهواجس الأمنية التي يعترف بها أغلب القوى السياسية في طرابلس، حذرت المصادر من «تهور البعض ودفع الوضع إلى المزيد من التأزم، في وقت تحتاج فيه البلاد في هذه المرحلة إلى كثير من الحكمة وتقديم المصلحة العامة على أي مصلحة أخرى».
وفي هذا الإطار تتوقف المصادر عند مشهد تبرّع السفير البريطاني في لبنان توم فليتشر بالدم في أحد مراكز الصليب الأحمر لضحايا تفجيري السفارة الإيرانية، وتعتبره مشهداً لافتاً وله دلالات وأبعاد عديدة، قبل أن تسأل: «هل شاهد أحد سفير دولة عربية أو أجنبية تبرّع بالدم لضحايا تفجيري طرابلس؟».
1 تعليق
التعليقات
-
فاعليات سارعتالشماتة لا تجوز من اي جهة اتت . ليس هذا هو المهم ، المهم في الأمر ان "فاعليات تدخلت لمنع الناس من الإحتفال والشماتة" .يعني بمعنى آخر ان المسؤولية تقع على الفاعليات ، فهي التي تحرك الشارع ، وهي التي تضع الناس في موقع الشماتة والمذهبية والطائفية ، واذا عندنا قليلاً الى الوراء من يوم اسقاط حكومة سعد الحريري ، هل بإمكان المواطن العادي ودون انحياز ، هل بإمكانه ان يتذكر ما حصل على الطرقات وفي طرابلس بالذات ، وكيف هجم البعض على مراسلي التلفزيون ، وكيف حطمت الممتلكات ، وبدأ التحريض المذهبي والإعتداءات على الجيش التي نسيها البعض حتى القضاء وكذلك اصحاب الشأن والذين وعدوا الأهل الإقتصاص من الفاعلين . وكذلك الدعوات التي وجهت الى الضباط والافراد الذين هم من نفس البيئة الى ترك المؤسسة العسكرية، وكم طلب رفع حصانة قدم بحق بعض نواب المستقبل، لن ينفع هذا التلطي خلف الأصابع ، ولا السكوت عن كل ما يحصل ، دون محاسبة المحرضين والمفترين والمعتدين والمخالفين للقانون مهما كانت طوائفهم ،من اجل فقدان سلطة او مركز . إما ان تكون لنا دولة .او ليستقل كل من ليس بإستطاعته القيام بواجبه ومهما علا شأنه ، من اعلا الهرم الى اسفله.....