لعلّ المفاجأة الأخرى التي يحملها عرض «الواوية» بعد عودة نضال الأشقر الى الخشبة، هو انتقال المخرج السينمائي والتلفزيوني المعروف إيلي أضباشي (الصورة) من عالم التصوير الى عالم المسرح ليشارك كتابةً في العرض (عن نصّ «الأم كوراج» للمسرحي برتولد بريشت).
يخبرنا أضباشي أنّه لطالما كان نص «الأم كوراج» في أجندته الخاصّة منذ السبعينيات، حين كان يتعاون مع المخرج سمير نصري على تنفيذ العمل الذي كان يعد دور البطولة فيه الى نضال الأشقر، لكن المشروع لم ينفَّذ، كما جرى اللقاء مع الراحل يعقوب الشدراوي لتنفيذه لاحقاً، إلا أنّ العمل لم يحصل على إنتاج. وأخيراً، أبصر النور في المحاولة الثالثة بعدما اقترح الإعلامي والتشكيلي والمسرحي فؤاد نعيم اسم أضباشي بوصفه الكاتب المناسب لنص يطرح موضوع الحرب، على أساس أنّه كتب سيناريو سابقاً مسلسل «الرغيف»، الذي يلتقي مع نص بريشت من حيث الموضوع. هكذا تسلّم أضباشي النص من ناجي صوراتي، الذي كان قد عمل على عملية اقتضاب وتقطيع جديدة للنص الأصلي، ثم طلِب من أضباشي ترجمة النص الجديد من اللغة الفرنسية الى العربية (اللهجة اللبنانية) وكتابتها بلغة مسرحية قريبة من واقعنا، على أن تكون على علاقة وطيدة بالإنسان العربي المعاصر. أضاف أضباشي بعض المَشاهد التي تتعلق بعدم قدرتنا كعرب على التعلم من الحرب وإصرارنا على الاستمرار فيها لأن هناك مستفيدين كثراً من الحرب. يقول أضباشي لـ «الأخبار»: «هذه الفكرة هي خلفية المسرحية بمعانيها العميقة التي أخذناها من نص بريشت، وكان دوري لبننة الموضوع وتطويعه ليصبح قريباً من واقعنا العربي اليوم. بذلك نكون قد انطلقنا من معان بريشتية الى بناء نص آخر بعيد عن النازية وعن يسارية بريشت».
بالنسبة إلى التغييرات في أسلوب الكتابة، يجيب أضباشي: «كان بريشت يطرح النص على نحو ميلودرامي لكي يصل الى الملحمي. بينما نحن ذهبنا بالعكس الى الكوميديا السوداء. لقد غيرنا إدارة المسرحية». وعن تجربته في عملية الكتابة للمسرح، وخصوصاً مع المخرج ناجي صوراتي المعروف بطريقة تعامله الخاصة مع النص حيث يلجأ الى تكسيره، يرى أضباشي أنّ عملية الكتابة لم تكن تقليدية بمعنى أنه لم يكتب نصاً له بداية ونهاية لأنّ الإخراج كان يسهم في عملية الكتابة. لذا، حمل الكثير من الأخذ والرد. وعبّر أخيراً عن سعادته لما آل اليه العمل، خاتماً بأنّ «العمل انتقل الى مستوى أوبرالي آخر يهز الوجدان».