«33 لفتة»: عدد الدورات في الدقيقة. «فاينل»: المادة المستخدمة في التصنيع. «أسطوانة»: الشكل الهندسي. LP:Long Play: تدل على حجم الاستيعاب الأكبر. «أسطوانة سوداء»: اللون. هذه ليست صفات فحسب، بل أسماء سلعة واحدة، كانت وسيلة الناس للاستماع إلى الموسيقى قبل وصول الـ CD. كانت وسيلة المستمعين المحترفين إذا صحّ القول (والميسورين إلى حدٍ ما)، مقابل الكاسيت الذي كان ـــ إجمالاً ـــ الوسيلة «الشعبية» (المتدنّية الثمن). إذاً، جاء الـ CD في أواخر السبعينيات (1978، شركة «فيليبس» الهولندية)، لحقته تقنية التسجيل الرقمي كلياً (DDD) مطلع الثمانينيات. تطوّر تسويق هذه السلعة. صمدت الأسطوانة السوداء قليلاً. صمد الكاسيت أكثر لسبب بسيط: لم يُستهدف زبائنه. دخلنا الألفية الثالثة. انتشر الكومبيوتر ومعه النسخ وبعده «التنزيل» والنقل السريع للمادة الموسيقية بأسوأ نوعيّاتها الصوتية.

تحسّنت النوعية في ما بعد، لكن الناس الذين فقدوا «شيئاً» عند الانتقال إلى الـ CD، أدركوا أهميته عندما بات هذا «الشيء» المفقود كبيراً، والمتمثل ببعدين: أولاً، الصوت، لا كنوعية جيدة ونقاوة بل كخامة «حقيقية» (حتى لو لم تكن جيدة). الثانية، المادة بمعناها الفلسفي. للمادة أبعاد، شكل، ألوان، ملمس، رائحة. للمادة «روح». والروح التي تتمتع بها الأسطوانات القديمة مفقودة كلياً في وسائل اليوم. الأرقام «0» و«1» والعلاقة بين «كمّيات» منها هي مجرد اصطلاحات. هذه المقدِّمة هي للكلام عن الاهتمام المستجِد بالأسطوانات القديمة. لكن، للأسف، ليت الأسباب الآنفة هي التي تقف خلف هذا الاهتمام. نعم، هناك نسبة من المهتمّين «الجدُد» يقاربون المسألة من الزاوية المطلوبة. تحية لهم. والتحية الأكبر، والاحترام أيضاً، لمن لم يتخلّ أصلاً عن الأسطوانات، شرط أن لا يكون السبب مجرّد محافظة عامة على المقتنيات! أما الباقون، فاهتمامهم لا إدراك فيه لأيّ من النقاط المتناولة أعلاه. همّهم الوحيد الموضة. أو الحنين. أو الأصالة بأسوأ أشكالها المدّعية. لكن كيف عادت الأسطوانات؟ المسألة تحتاج إلى شرح طويل جداً. إلى كتاب علمي/ اجتماعي/ تجاري/... وربما فلسفي. باختصار، شكل بعض النقاد المتخصّصين بالصوت وعياً لأهمية الأسطوانات، من خلال مقالات علمية (منذ التسعينيات) ودراسات شارك فيها خبراء في الصوت والسمع وموسيقيون. من كان «يخجل» بأسطواناته، نفض عنها الغبار وأعادها إلى صدر الدار وكرت السُّبْحَة، مسببةً أنواع اهتمام مختلفة كما أشرنا. وصلت «الأخبار الطيبة» إلى مسامع شركات الإنتاج فراحت تعيد تصنيع نوعين من الأسطوانات: كلاسيكيات ريبرتوارها وجديدها.
ننتقل مباشرةً إلى ما بات متوافراً (قديم وجديد، لكن مصنَّع حديثاً) وفي كل الأنماط. في الموسيقى، الكلاسيكية العناوين قليلة. في الجاز تجدون شارلي باركر، شارلز مينغس، جون كولتراين، مايلز دايفس، ديزي غيلسبي... في الإلكترونيك، الـ R&B، السول، الريغي، الفولك، الروك... تجدون دافيد بووي، راديوهاد، بوب مارلي، دافت بانك، أيمي واينهاوس، البيتلز، بوب ديلان، توم وايتس.
الأسطوانات موجودة. يبقى أن تتوفر الماكينات الخاصة التي تقرأها، وأن ندفن معاً، لاحقاً، الـ MP3 والـ Ipod... وكل تلك السلالة!