تعمل دوائر دولية، على رأسها منظمة الأمم المتحدة عبر «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» (UNHCR)، على محاولة تثبيت مستدام للنازحين والمهجّرين السوريين أو «توطينهم» في دول الجوار التي استضافتهم، وعلى رأسها الأردن ولبنان، وذلك لأهداف سياسية لا تبدو بعض القوى السياسية اللبنانية متنبهة لها، فيما تصر قوى أخرى على تنفيذ هذه السياسات عمداً أو جهلاً.
ولا تخرج زيارة الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون للبنان غداً الخميس عن هذا السياق. وسيرافقه في هذه الزيارة رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي، في زيارة عنوانها العام هو الاطلاع على أوضاع النازحين السوريين، ومحاولة استكشاف سبل دعمهم. أما العناوين الفرعية، فتتمحور حول ربط أي مساعدات للبنان بتنفيذ مشاريع لتشغيل النازحين السوريين، في ظل الإصرار الدولي على اعتبارهم لاجئين لا نازحين، وتثبيت بقائهم في لبنان، حتى لو انتهت الحرب في بلادهم. وقد سبق لوفد من البنك الدولي أن زار لبنان في الأيام الماضية، والتقى عدداً من رجال الأعمال اللبنانيين. وفي ردّ على سؤال رجال الأعمال عما إذا كان البنك الدولي سيقدّم قروضاً للبنان، سمع اللبنانيون جواباً مفاده أن القروض مشروطة بـ«إقامة مشاريع تشغيل مستدامة للنازحين السوريين»، و«التزام الحكومة اللبنانية باحترام حقوق الإنسان، وخاصة الفئات الأكثر عرضة للخطر، كالمثليين».
زيارة بان كي مون غداً
لا تخرج عن سياق الضغوط
على لبنان

بدوره، يسير الاتحاد الأوروبي على خطى الأمم المتحدة، تحت عوامل وضغوط متعددة. ويعمل عبر وسائل و«مخفزات مالية» على تسويق مشروعه، في وقت تسير فيه بعض دوائر الدولة اللبنانية في الاتجاه عينه، وعلى رأسها دوائر السرايا الحكومية، متعمّدة اعتماد «اللاجئين» كتسمية للحالة الإنسانية التي يعيشها النزوح والتهجير السوري. فيما ترفض وزارة الخارجية تحديداً استخدام هذه العبارة (لاجئ)، لما لهذا المصطلح من مترتبات قانونية، بالإضافة إلى أن حالة «اللجوء» ملازمة لانسلاخ اللاجئ عن مجتمعه ودمجه قسراً وبصورة ملتوية ومركبة ومتأزمة في «المجتمع» الذي يستضيفه.
ورغم التحذيرات المتعددة التي تلقتها، تستمر دوائر الخارجية الأوروبية والمفوضية الأوروبية بالسير بهذا الاتجاه، بحجّة وقف اللجوء إلى أوروبا، تحت ضغط أزمة النزوح التي افتعلتها تركيا وعمليات التهجير الممنهج والتشجيع على اللجوء الذي تمارسه الجماعات المسلحة في سوريا، وضغوط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وفرنسا وبريطانيا. وأعادت المفوضة الأوروبية العليا للشؤون الخارجية والأمن فيديريكا موغيريني تأكيد هذا الاتجاه أمام البرلمان الأوروبي في جلسته العامة في ستراسبورغ، في حين يتجاهل أصحاب هذا الموقف والتوجه ضرورة التواصل مع الدولة السورية، الذي يتجنبه حتى الآن الأوروبيون وجماعة أميركا وزبائنها محلياً، متجاهلين أيضاً أن الهدف الأساسي لمصلحة دول الجوار والدولة السورية، هو إعادة النازحين والمهجرين إلى ديارهم.
وحضر إلى بيروت قبل أسبوعين، موظفان أوروبيان كبيران بحثا الموضوع مع السلطات اللبنانية، بهدف تأمين مبالغ مالية كبيرة للمساعدة على ترسيخ مبدأ الاستضافة المستدامة للنازحين الذين يصر الاتحاد الأوروبي على تسميتهم «لاجئين»، فيما تجاريه جماعة السرايا في ذلك.
ويحاول الطرف المهيمن على السرايا الحكومية، استدراج المساعدات تحت إشرافه. وتقول بعض المعلومات إن الهدف هو توزيعها على البلديات لتدعيم النفوذ وممالأة توجهات أوروبية تعمل على الالتفاف على ما تبقى من «دولة»!
من جهة ثانية، تبادل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، آخر المعلومات عن الاتصالات التي يجريها الطرفان مع حلفائهما، حول آخر التطورات السياسية، خلال زيارة قام بها موفد جعجع إلى الرابية، رئيس جهاز التواصل في القوات ملحم رياشي، صباح أمس. وفي وقت تبدو فيه نتائج جلسة انتخاب الرئيس في مجلس النواب اليوم محسومة مع عدم تأمين النصاب النيابي الكافي لانتخاب رئيس، أسف «التغيير والإصلاح» بعد اجتماعه الدوري لأن «جلسة انتخاب الرئيس في الغد (اليوم) مصيرها كسابقاتها». وأضاف الوزير السابق سليم جريصاتي باسم التكتل إن «النصاب ينشأ من الميثاق بدليل نسبة الثلثين، فإن راعينا الميثاق تأمن نصاب الحضور، تمهيداً لتأمين أكثرية التصويت المنصوص عليها في الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية. فالمعركة ليست معركة نصاب أو تصويت بمعرض الاستحقاق الرئاسي، بل هي بامتياز معركة ميثاق، فمن يكون المعطل والمفرمل، ومن يكون الملتف على الحيثيات التمثيلية الوازنة في مكونات الوطن؟».