«الداخلية» تحذر من النزول إلى «التحرير»

يترقّب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ومعه أجهزة الدولة الأمنية والاستخبارية، حجم ونوع المظاهرات التي ستخرج اليوم، اعتراضاً على اتفاقية وضع جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة السعودية، وأعلن ذلك في الزيارة الأخيرة للملك سلمان إلى البلاد.
حتى الآن، من غير المعروف مدى استجابة المواطنين لدعوة التظاهر، خصوصاً بعد بروز حالة من الانقسام بين مؤيد ومعارض لقرارات السيسي، فيما تسبّب بيان «جماعة الإخوان المسلمين» الداعي إلى المشاركة في المظاهرات في غضب الداعين الأساسيين إليها، الذين رأوا في قرار الجماعة «محاولة لتسيس القضية»، واستغلال التحرك الشبابي لإثبات عودتهم إلى الشارع مرة أخرى.
ورغم أنه لا توقع واضحاً لعدد المعتصمين اليوم، لكن الانشقاقات بدأت تظهر بعد دعوة عدد من الشباب إلى تظاهرة أخرى، في 25 نيسان الجاري، أي في ذكرى تحرير سيناء. ويتوقع عدد من المنظمين أن إعلان «الإخوان» مشاركتهم في التظاهر سيبعد فئة واسعة كان يتوقع مشاركتها، وهم من أنصار الرئيس السيسي الذين وجدوا في قراره تنازلاً عن أرض مصرية. كذلك يتخوف النظام من تزايد عدد المعترضين على الرئيس بعد إخفاقه في الترويج لخطابه الذي حاول فيه احتواء الموقف المعترض عليه، واستعادة ثقة مؤيديه الذين انتقد بعضهم موقفه علناً للمرة الأولى.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية الاستنفار الأمني تحسباً للمظاهرات، ليس في القاهرة فحسب، بل في مختلف المحافظات الرئيسية. كذلك لم تفوّت الوزارة البيان الإخواني، دون تحذير المواطنين من النزول للتظاهر في ميدان التحرير، واصفة «دعوات تظاهر جمعة الأرض» بأنها «محاولة للخروج عن الشرعية»، ومحذرة من أنها ستتخذ «الإجراءات القانونية الحاسمة حفاظاً على حالة الأمن».
وإذا مرّ اليوم الجمعة من دون مشكلات أو إشعال فتيل أزمة جديدة للنظام، فإن ثمة عوائق أخرى تنتظر، أحدها تصريح الرئيس الروسي فلاديمر بوتين، الذي قال فيه إن السفر إلى مصر «أمر خطير»، كما نقلت مواقع روسية.
ورغم أن مسؤولين مصريين تحدثوا مجدداً عن استئناف الرحلات السياحية مع روسيا بعد توقفها منذ سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء نهاية تشرين الأول الماضي، فإن بوتين شرح أن استئناف الرحلات الروسية «يتطلب إيجاد حل مشترك بين السلطات الروسية والمصرية حول تفتيش الركاب، والحقائب، والوجبات التي تقدم على متن الطائرات»، مشيراً إلى أنهم لم يتوصلوا إلى هذه الآلية حتى الآن، رغم استمرار التعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين.
وأعقب تصريحات بوتين بساعات صدور قرار من النائب العام، المستشار نبيل صادق، حول حادث الطائرة، ذكر فيه أن «تقرير لجنة حوادث الطيران في وزارة الطيران المصرية أثار وجود شبهة جنائية في سقوط الطائرة»، وبذلك تقرر إحالة الملف إلى نيابة أمن الدولة العليا من أجل استكمال التحقيق في القضية باعتبارها جهة الاختصاص في مباشرة هذه القضايا.
مصدر أمني مصري قال لـ«الأخبار»، في هذا الجانب، إن «التعاون بين المصريين والروس لا يزال قائماً حتى الآن، لكن حادثة الطائرة أجّل مجالات تعاون مشترك عدة كان يفترض الانتهاء منها قبل مدة»، مشيراً إلى أن استمرار غياب السياحة الروسية سيؤدي إلى تقليص عائدات السياحة التي تعاني من تدهور كبير في الشهور الأخيرة.
وأضاف المصدر أن «الجانب الروسي يرد ببطء على أي مجالات للتعاون المشترك، وقد أجّلت زيارة مرتقبة لبوتين إلى القاهرة للتوقيع النهائي على اتفاقية إنشاء محطة الضبعة النووية التي يجري العمل فيها ببطء». وتابع: «حتى الآن لا يوجد خلاف واضح في العلاقات المصرية الروسية، لكن طلبات الجانب الروسي في ما يتعلق بتأمين رحلات الطيران مبالغ فيها ولا يمكن قبولها... المفاوضات مستمرة وقد تثمر نتائج إيجابية قريباً».
في سياق آخر، أنهى وفد برلماني مصري لقاءاته أمس مع عدد من مسؤولي البرلمان الأوروبي، في زيارة هدفت إلى توضيح عدة معلومات مرتبطة بمقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، في مصر. لكن الوفد لم يقدم أي معلومات جديدة لأعضاء البرلمان الأوروبي، واكتفى بتأكيد أن «مصر تواجه الإرهاب وتتعرض لعمليات إرهابية تؤدي إلى عرقلة عملية الديمقراطية، ما يجعل الاولوية هي توفير الأمن للمواطنين».
ودافع أعضاء الوفد المصري عن طبيعة عمل المنظمات الحقوقية، قائلين إنها تعمل في مناخ جيد، وإن هناك «قانوناً جديداً ينظّم عملها سيجري التصويت عليه نهاية الشهر المقبل»، ونفوا وجود حالات اختفاء قسري أو عمليات تعذيب منهجية في أقسام الشرطة. لكن، يبدو أن اللقاءات انتهت من دون تغيير اقتناعات أعضاء البرلمان الأوروبي في مختلف القضايا.
-----------
انسرت