... وهرب أحمد عز إلى جهة غير معلومة، قالت قناة «الجزيرة» إنها دبي، في ظل معلومات تقول إنه سقط في قبضة الثوار. هو الأمين العام للتنظيم في الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، وعضو في أمانة السياسات فيه، والقطب البارز في صناعة الحديد والفولاذ، يلقّب بـ«إمبراطور الحديد»، ويملك أكثر من 71 في المئة من إنتاج الحديد والفولاذ، و50 في المئة من سوق الخزفيات (أرقام 2006)، والرئيس المنتخب في لجنة الميزانية والتخطيط في مجلس الشعب. شريك جمال مبارك المقرّب، أوصلته هذه العلاقة الحميمة إلى مناصب قيادية في الحزب الحاكم، فكان شريكاً أساسياً في عملية اختيار مرشحي الحزب وتنسيق حملاتهم الانتخابية. يمكن القول إنه عمود تماسك الحزب. مارس سطوته على الحزبيين لضمان امتثالهم وانضباطهم، وفي المقابل كان سخيّاً على عائلة مبارك، وموّل الحملة الرئاسية للرئيس المصري عام 2005. أُثيرت في الصحافة مرّةً مسألة انتماء والدته إلى الديانة اليهودية، وهي كانت تحمل الجنسية الإسرائيلية، ووصلت إلى مصر خلال العدوان الثلاثي 1956. وتحدثت تقارير عن الدور الأساسي لأخواله اليهود المقيمين في سويسرا في تعزيز علاقته مع أبناء الديكتاتور الروماني تشاوشيسكو في ميدان تصدير الحديد. ويشير البعض إلى أن هذا النسب كان وراء موقف عز الموافق على تصدير الغاز لإسرائيل بأقل من نصف الثمن، وبناء الجدار العازل.
وعن عائلته، أحمد عز هو ابن اللواء عبد العزيز، الذي خرج من القوات المسلحة ضمن حملة التطهير التي نُفّذت عقب نكسة 67، لينطلق بعدها في العمل موزّع حديد متواضعاً. وفي 1983، اعتُقلت مجموعة كبيرة من تجار الحديد فيما عرف باسم الحديد المغشوش، باستثناء عبد العزيز، الذي اعتقل بعد خمس سنوات لاحقة مع بعض موظفي شركة عز وابنه أحمد بتهمة الاتجار بالدولارات في السوق السوداء.
وسُجن 88 يوماً، لكن أحمد خرج من القضية بعدما قال إن لا علاقة له بعمل والده. وانتقلت العائلة بعدها إلى سويسرا حيث مكثت ثلاث سنوات، وأقامت عند أشقاء الزوجة اليهود.
أما بداية مشوار أحمد، من مواليد 1959، فكانت عازف موسيقى على آلة «الدرامز» ضمن فرقة موسيقية عام 1987، ثم تخرّج في جامعة القاهرة فرع الهندسة. حاول أن يظهر كأنه ينتمي إلى أسرة ثرية، لكنّ مخصصات والده لم تصل إلى هذا الحد. بدأ نشاطه الاقتصادي في بداية التسعينيات، طالباً من وزارة التعمير الحصول على قطعة أرض في مدينة السادات لإقامة مصنع لدرفلة الحديد. وفي 1995 بدأت استثماراته مع مشروع سيراميك الجوهرة، ليلمع نجمه في عالم الاقتصاد والأعمال. تقرّب بعدها من نجل الرئيس، جمال، وكان أول المساهمين في جمعية جيل المستقبل في 1998، لتنمو بعدها استثماراته نموّاً هائلاً. احتكر صناعة السيراميك مع رجل الأعمال المصري محمد أبو العينين، وامتلك مساحات شاسعة من الأراضي في السويس.
وفي 1999، استغل أزمة السيولة التي تعرضت لها شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب (الدخيلة) بسبب سياسات الإغراق التي سمحت بها الحكومة، فتقدم بعرض للمساهمة في رأس المال. وأصبح بعدها رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية ومحتكراً لإنتاج البيليت الخاص بحديد التسليح. ومع الصعود في مجال الأعمال، كان لا بد من تتمة الإكسير الخارق للسلطة عبر اجتياح عالم السياسة، فترشّح إلى انتخابات مجلس الشعب عام 2000، ونجح في ترؤّس لجنة التخطيط والموازنة، ثم وجد نفسه في 2002 داخل الحزب الوطني الديموقراطي عضواً في أمانة السياسات، بالتزامن مع دخول صديقة جمال. وفي 2004 كان أمين العضوية، المنصب الخطير في الحزب الذي كان يحتله كمال الشاذلي. غطاء سياسي حقق له مكاسب اقتصادية نتيجة احتكاره الحديد وارتفاع سعر الطن والمضاربة في البورصة. وفي 2005، تبوّأ عز أهم منصب في الحزب، وهو أمين التنظيم. وبالعودة إلى أنشطته الاحتكارية في مجال الحديد والسيراميك، فقد دفعت العديد من المصانع إلى إغلاق أبوابها، بحيث لم يعد في السوق المصرية سوى 6 مصانع من أصل 23. وكأيّ محتكر، دخل عز في لعبة السوق والأساليب السوداء للانقضاض على الأسماك الصغيرة في بحره، عبر إجبار منافسيه على خفض الطاقة الإنتاجية في إطار ما يُعرف بـ«تعطيش السوق»، من أجل رفع أسعار الحديد. لتتجاوز ثروته 40 مليار جنيه.