«من شان الله يا سيد يلّا»، هكذا كانت تهتف الجماهير التي احتشدت على بعد كيلومتر من السفارة المصرية في بيروت، في قاعة مغلقة في الغبيري، بانتظار سماع موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بشأن مصر وثورتها، بعد أن سبقه إلى المنبر خطباء يمثّلون أحزاباً قومية ويسارية وناصرية وإسلامية ولبنانيّة، مع إطلالة لافتة لرئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون. نصر الله رأى أن الاحتجاجات في مصر المطالبة باستقالة الرئيس حسني مبارك ستغيّر وجه المنطقة، مشيراً إلى أن الشعب المصري يخوض معركة «الكرامة العربية» و«ثورة وطنية حقيقية كاملة»، وحذر من أن الأميركيين يحاولون استيعاب هذه الثورة.
وأضاف أن «كل الاتهامات بالتبعية للخارج مهما كان هذا الخارج، صديقاً أو عدواً لمصر، فهي اتهامات باطلة، سقطت أمام إرادة الشباب المصري». وقال إن «من أوجه التضامن مع ثورة الشعب المصري تنزيه هذه الثورة عن التهم التي ترمى بها، وفي طليعتها أنها صنيعة الإدارة الأميركية واستخباراتها والبنتاغون».
كلام نصر الله جاء في احتفال حاشد في قاعة بلدية الغبيري على بعد أقل من كيلومتر من مقر السفارة المصرية في بيروت، بدعوة من الأحزاب والقوى الوطنية، «دعماً لعروبة مصر وتعزيزاً لنهج المقاومة».
خاطب نصر الله شعب مصر قائلاً: «أنتم تخوضون اليوم معركة الكرامة العربية. أنتم تستعيدون اليوم بصرخاتكم ودمائكم وثباتكم في الميادين والساحات كرامة الإنسان العربي التي أذلّها بعض حكامه خلال عقود من الزمن بالاستسلام والهزيمة». وحذر نصر الله من أن الأميركيين «يحاولون ركوب الموجة واستيعاب الثورة وتحسين صورتهم... في عالمنا العربي والإسلامي». واتهم واشنطن بأنها تريد أن «تضمن الانتقال (في مصر) إلى سلطة تحافظ على مشاريعها ومصالحها، وليس مهماً من يكون في السلطة». وتحدث نصر الله عن «هلع إسرائيلي حقيقي وذعر وقلق كبيرين» ممّا يجري في مصر، وأن إسرائيل تتحدث «بحزن شديد عن خسارتها آخر حليف قوي كبير لها في المنطقة». وقال: «نحن أمام مشهد واضح وجلي... هناك نظام تريده إسرائيل وتعمل ليلاً ونهاراً... من أجل حمايته والحفاظ عليه... وهناك نظام يريد شعبه إسقاطه».
وحرص نصر الله على التأكيد أنه لا يسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وأثنى على ما قام به الشباب في مصر قائلاً إن «ما قمتم به حتى اليوم لا يقل أهمية عن الصمود التاريخي للمقاومة اللبنانية في حرب تموز عام 2006 والصمود التاريخي للمقاومة الفلسطينية في حرب غزة عام 2008». وأردف: «إن الثورة الشعبية المصرية هي ثورة وطنية حقيقية كاملة يشارك فيها كل المصريين، من مسلمين ومسيحيين ومن تيارات علمانية وإسلامية، كما تشارك فيها النساء والرجال والأطفال والعلماء، ولكن بالتأكيد فإن الشباب المصري هو العنصر الأول والمحرّك الأساس لهذه الثورة. وهذه الثورة هي نتاج إرادة الشعب المصري ومن تصميمه وتنفيذه، فهو الذي يقدم الشهداء والتضحيات، وهو الذي يقرر كل ما يفعل ويقول». أضاف: «يا شباب مصر الأحباء، إننا نرى في وجوه شهدائكم وجوه شهدائنا، ونسمع في أنين جرحاكم أنين جرحانا، ونشهد في صمودكم في الساحات صمود الأبطال المقاومين في لبنان وفلسطين في مواجهة كل الحروب والتهديدات والأخطار». ومضى يقول: «يا إخواننا وأخواتنا. يا شباب مصر الغالي. من بعيد من بيروت ماذا يمكن أن نقول لكم... يا ليتنا نستطيع أن نكون معكم في ميدان التحرير... وأنا واحد من هؤلاء المحتشدين يشهد الله أنني أتلهف لو أستطيع أن أكون معكم لأقدم دمي وروحي كأي شاب في مصر من أجل هذه الأهداف الشريفة والنبيلة».
بدوره، النائب ميشال عون لفت إلى أن علاقة الأنظمة هي علاقة المصالح، أما علاقة الشعوب فهي علاقة مبنية على القيم. وأشاد بتخطّي الشعب المصري لآثار الأحداث المؤلمة التي حاولَتْ إيقاعَ الفتنة بين أبنائه من مسيحيين ومسلمين، وقد تجسّد ذلك باللقاء معاً على مقاومة التسلّط والفساد».
رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد رأى أن أي تغيير في مصر يجب أن تتلازم فيه قواعد السياسة مع الاقتصاد، وأن تعود القاهرة إلى دورها الريادي الممانع.
الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة طالب شباب لبنان بأن يمتلكوا الوعي الوطني القادر على منع الفتنة بالتغيير، كما يطرح شباب مصر شعار التغيير ويمنع التفجير. رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد أكد أن رياح الثورة والتغيير ستستمر من تونس ومصر إلى اليمن والأردن وبقية الأقطار العربية. ورأى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق أسعد حردان أن لا استقرار للأنظمة العربية إذا كانت فاقدة الصلة بفلسطين باعتبارها المسألة المركزية. وانطلق عضو قيادة جبهة العمل الإسلامي الشيخ بلال شعبان من أن أميركا ليست قدراً إذا أراد الشعب أن ينتفض. وتحدّث أمين الهيئة القيادية في حركة الناصرين المستقلين ـــــ المرابطون مصطفى حمدان عن «يوم الحناجر الأبية وهي تنادي بأعلى الصوت من ميدان التحرير: مصر يا بهية هو رايح وإنتي جايه». وقال رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب: «ها قد عدنا يا مصر لنشهد سقوط الفرعون الجديد، ونحن في لبنان وضعنا حداً لمشاريع الفراعنة الجدد». وأخيراً، تحدّث الأمين العام لرابطة الشغيلة زاهر الخطيب، ومنير شفيق باسم القوى الفلسطينية ومؤتمر الأحزاب العربية والإسلامية.