أعاد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التحذير من إمكانية أن يؤدي عدم الاستقرار في مصر إلى تحولها إلى نسخة ثانية من الثورة الاسلامية في إيران. وفي خطاب في الكنيست أمام نواب أوروبيين من «أصدقاء إسرائيل»، قال نتنياهو إنه «يُحتمل أن تسير مصر وراء إيران، فتهدد أبناء شعبها وتقمع المحيطين بها». وأضاف «في مصر نتائج محتملة كثيرة عدا النماذج الليبرالية والديموقراطية: الإمكانية الأولى هي تبنّي إصلاحات علمانية في الدولة، والإمكانية الثانية هي أن يستغل الإسلاميون الثورة للسيطرة على الدولة وقيادتها إلى الخلف، والإمكانية الثالثة هي أن تسير مصر على خطى إيران». بدوره، وجّه نائب رئيس الحكومة، وزير التعاون الإقليمي، سيلفان شالوم، انتقادات إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية «لأنها تضغط لقيام ديموقراطية سريعة في مصر، من دون أن تدرك أنها بذلك تعزز الجهات المتطرفة في الدولة، ومن شأنها أن تفضي إلى سيطرة إيرانية عليها».
في هذه الأثناء، كشفت برقية دبلوماسية أميركية سرّبها موقع «ويكيليكس»، أنّ إسرائيل تنظر منذ وقت طويل إلى النائب الحالي للرئيس المصري عمر سليمان، على أنه الأفضل بالنسبة إليها لخلافة حسني مبارك. وقالت البرقية، التي كتبتها السفارة الأميركية في تل أبيب عام 2008، «طلبنا من السفارة في القاهرة تحليلاً عن سيناريوهات خلافة الحكم في مصر، لكن لا شك في أن إسرائيل ترتاح أكثر لاحتمال تولّي عمر سليمان السلطة».
ونقلت البرقية عن حاخامات يهود إفاضتهم بالثناء على سليمان، مشيرة إلى أن «الخط الساخن المفتوح بين وزارة الدفاع الإسرائيلية وجهاز الاستخبارات المصرية العامة أصبح الآن يستخدم يومياً»، إضافة إلى الإشادة بدوره في ملف محاصرة قطاع غزة ودعوته أكثر من مرة إسرائيل إلى المشاركة مع مصر في منع حصول أي تهريب على الحدود المصرية ـــــ الفلسطينية.
من جهة أُخرى، حذّر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تل أبيب من التدخل في شؤون مصر. ونقلت صحيفة «حرييت» عن أردوغان تشديده على ضرورة «ألّا تتدخل إسرائيل في مصر في ظلّ أي ظروف». وأشار إلى أنه شدد على هذه النقطة في محادثاته مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، كاشفاً عن أنه دعاهما إلى التدخل لمنع إسرائيل من التورط في محاولة لعكس موجة التظاهرات ضد مبارك.
كذلك لفت الزعيم التركي إلى أن أنقرة «لم تكن تقصد التدخل مباشرة في مصر، إلا من خلال تقديم بعض النصائح بعد تحول جماعة الإخوان المسلمين إلى فزاعة للغرب». وشدّد على أهمية أن تجري مصر انتخابات وإصلاحات دستورية في أسرع وقت ممكن، وأن تحدّث القوانين الانتخابية وقوانين الأحزاب لجعلها أكثر ديموقراطية. كذلك أعرب عن استعداد بلاده للتدخل على أساس إنساني في مصر إذا أدت الاضطرابات إلى الجوع أو تفشي الأمراض، كاشفاً أنه وجه تعليمات للمنظمات التركية المعنية للاستعداد لذلك. واعترف بأن تركيا ستدعو إلى عقد مؤتمر دولي للمانحين مخصص لمصر، وستدعو مجلس الأمن إلى الانعقاد فوراً لمناقشة التطورات.
على صعيد الموقف الأميركي، لا تزال إدارة أوباما غير حاسمة في اتجاه التخلي عن حليفها مبارك. ورأى وزير الدفاع روبرت غيتس أنه «في غاية الأهمية أن تفي مصر بتعهداتها وتتقدم نحو عملية انتقالية ديموقراطية»، مكرراً الإشادة «بضبط النفس» الذي يمارسه الجيش المصري، ما يساهم في هذه العملية. وفي أول تصريحاته العلنية حول الثورة المصرية، استشهد غيتس بالهبّات الشعبية في تونس ومصر لينصح الدول العربية الأخرى في المنطقة «بالتنبه وبدء الإصلاحات السياسية والاقتصادية اللازمة». وقال في هذا السياق «أملي أن تتخذ الحكومات الأخرى في المنطقة ـــــ التي تشهد هذا التحرك التلقائي في كل من تونس ومصر ـــــ إجراءات للبدء بالتحرك في اتجاه إيجابي نحو معالجة الشكاوى السياسية والاقتصادية لشعوبها».
وكأن وزير الدفاع الفرنسي آلان جوبيه قد انتظر نظيره الأميركي ليردد كلاماً مشابهاً، عندما دعا إلى «انبثاق قوى ديموقراطية» في مصر من خلال عملية انتقالية، يجب أن تحصل «من دون عنف وفي أسرع وقت ممكن».
على صعيد آخر، رأى وزير خارجية اللوكسمبورغ جان اسلبورن، أنه على ألمانيا أن تفكر في استقبال مبارك إذا ما قرر مغادرة بلاده، في إشارة إلى سيناريو توجه الرئيس المصري إلى برلين بحجة إجراء فحوصات طبية هناك، وهو ما قد يكون «مخرجاً مشرِّفاً» لمبارك. وفي هذا الموضوع، لفت إسلبورن إلى أنه «ينبغي أن يفعل ذلك، إن دعت الضرورة، وعلى ألمانيا ألّا ترفض».
أما إيران، فقد دانت «المواقف التدخلية» لبعض الدول الغربية ومخططاتها الرامية «إلى التأثير على الشعب المصري من أجل الالتفاف على ثورته بهدف حرف مبادئها»، وهو ما عبّر عنه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)