تتكشّف تداعيات ثورتي مصر وتونس على الشارع العربي، بعدما انتقلت الانتقادات التي كانت تدور همساً بين مواطني هذه الدول لتتردّد على الملأ، أملاً بأن تصل إلى آذان الحكام فيبادروا إلى تصحيح الأوضاع. وبينما كان الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني، حمزة منصور، يجدد مطالبة الحكومة الجديدة، التي أدت اليمين الدستورية أول من أمس، بالإصلاح الفعلي، كان التذمر في الأردن يأخذ منحىً جديداً بتوجيه كبرى العشائر الأردنية، التي تعدّ دعامة للنظام، نقداً مباشراً غير مسبوق للملكة رانيا، وتوجّه اتهامات صريحة لها بالفساد. وطالبت 36 شخصية تنتمي إلى كبرىات العشائر الملك الأردني بإصدار أوامر بـ«إعادة كل ما أصبح باسم أسرة آل ياسين (أسرة الملكة رانيا) إلى خزينة الشعب الأردني، لأنه ملك للشعب». واتهمت الشخصيات العشائرية الملكة رانيا «ببناء مراكز قوى لمصلحتها بما يخالف ما اتّفق عليه الأردنيون الهاشميون من أصول الحكم، وبما يمثّل خطراً على الوطن وبنية الدولة والنظام السياسي ومؤسسة العرش»، متحدثين عن معلومات، غير مؤكدة، عن تسهيل مكتب الملكة منح الجنسية الأردنية لنحو 78 ألف فلسطيني بين عامي 2005 و2010.
كذلك انتقدوا الأمسية التي أقامتها الملكة في أيلول الماضي لمناسبة عيد ميلادها الأربعين، قائلين «إننا نرفض حفلات أعياد الميلاد الباذخة على حساب الخزينة والفقراء».
أما في السعودية، فشجعت أحداث مصر وتونس عدداً من الناشطين السعوديين على التقدم بطلب إلى الديوان الملكي للترخيص لـ«حزب الأمة الإسلامي»، أملاً بأن يكون أول حزب سياسي في المملكة.
في غضون ذلك، دعا ناشطون منضوون تحت مظلة «منتدى المجتمع المدني الخليجي» إلى التحول الديموقراطي وتعزيز حرية التعبير في دول الخليج. وناشد البيان، الذي وقّعه منسّق المنتدى، أنور الرشيد، الدول الخليجية التي قد تشهد تظاهرات احتجاجية تلبية لدعوات على الإنترنت، وخصوصاً البحرين، إلى «أن تنتهج النهج السلمي مع المتظاهرين».
كذلك دعا المنتدى إلى الإفراج عن الناشط الإماراتي حسن الحمادي، بعدما اعتقلته السلطات في مدينة خورفكان (إمارة الشارقة) قبل أسبوع، عقب إلقائه كلمة أيّد فيها التحركات الاحتجاجية في مصر.
من جهتها، كشفت منظمة العفو الدولية عن اعتقال السلطات الليبية الكاتب جمال الحجي، بعدما دعا إلى احتجاجات سلمية في ليبيا على غرار الاحتجاجات في مصر وتونس، بزعم ضلوعه في حادث سيارة.
وفي السودان، اعتقلت السلطات أمس القيادية في حزب الأمة المعارض مريم المهدي لساعات، بينما كانت تستعد للمطالبة بالإفراج عن السودانيين الذين أوقفوا منذ عشرة أيام، على أثر تظاهرات مناهضة للحكومة.
أما في الجزائر، فقد بدأت الحكومة بحشد أكثر من 20 ألف شرطي لمواجهة المسيرة التي دعت إليها غداً «التنسيقية الوطنية» من أجل التغيير والديموقراطية، للمطالبة بإصلاحات سياسية واسعة، بعدما رفضت الحكومة تنظيم المسيرات في العاصمة بداعي التهديدات الأمنية وحفظ الأمن.
من جهتها، دعت حركة مجتمع السلم الجزائرية الحكومة إلى إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جادة وعميقة تلبّي مطالب مختلف القوى السياسية والاجتماعية، بعدما أعلنت الحركة الإسلامية عدم مشاركتها في مسيرة للمعارضة السبت المقبل.
وفي إيران، وجّهت السلطات تحذيرات قاسية إلى المعارضة من مغبّة أي محاولة للتظاهر منفردة اليوم، بحجة التضامن مع الانتفاضة المصرية. وقال قائد الحرس الثوري في طهران، حسين حمداني، «إن على الغوغائيين (المعارضين) أن يعلموا أننا نعدّهم أعداءً للثورة وجواسيس، وسنتصدى لدسائسهم بقوة»، فيما عدّ المدعي العام الإيراني غلام حسين إيجائي طلب المعارضة للحصول على ترخيص للتظاهر دعماً للانتفاضة المصرية « تحركاً سياسياً يرمي إلى تقسيم الأمة». ورأى أنه «إذا كان الإيرانيون يريدون أن يظهروا مساندتهم للمحتجين في منطقة شمال أفريقيا، فعليهم أن يقوموا بذلك في تجمعات حاشدة ترعاها الحكومة، وتشمل كل البلاد اليوم، بالتزامن مع احتفالات الذكرى الثانية والثلاثين للثورة».
في هذه الأثناء، أعلن وزير الخارجية اليمني، أبو بكر القربي، أن الحوار مع المعارضة سيستمر لحل الأزمة السياسية في اليمن، بعد يوم واحد من إصدار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الأوامر بفتح كل ملفات الفساد في البلاد.
من جهتها، رفعت سوريا الحظر الذي كان مفروضاً على دخول مواقع على الإنترنت مثل موقع الفيديو «يوتيوب» وموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، في خطوة سارع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، اليك روس، إلى الترحيب بها.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)