رأس لانوف وسدرة كانتا محور معارك الثوار في ليبيا مع قوات العقيد معمر القذافي، وسط معلومات متضاربة بشأن هوية المسيطر على المنطقتين. تضارب لا يحجب حقيقة تعرض هاتين المنطقتين الشرقيتين لهجمات مكثّفة من قبل قوات القذافي، ما قد يشير إلى أن الزعيم الليبي بدأ هجوماً معاكساً، وسط مخاوف غربية عموماً، وأميركيّة خصوصاً، من لجوء القذافي إلى الأسلحة الكيميائية.
وفيما قُتل أربعة أشخاص على الأقل وأصيب 35 بجراح في قصف جوي ومدفعي طال مدينة رأس لانوف النفطية والبريقة، نقلت قناة «الجزيرة» من بنغازي، عن مصادر موثوقة في مدينة رأس لانوف، أن مقاتلات تابعة لنظام القذافي قصفت المنطقة عبر أكثر من غارة، أدّت في مجموعها إلى جرح سبعة أشخاص. وأضاف المراسل أن القصف الجوي تزامن مع قصف بحري نفذه زورق حربي على المدينة النفطية، حيث شمل القصفان شققاً سكنية للأطباء،.
وأفادت قناة «الجزيرة» من رأس لانوف أن قوات القذافي شنّت هجوماً شرساً على المدينة وقصفت مستودعات النفط الواقعة على بعد عشرة كيلومترات تقريباً غربي المدينة. وأضافت أن الثوار يحاصرون مقاتلين تابعين للقذافي يتحصّنون أسفل مستودعات النفط، حيث يتبادل الطرفان القصف بالصواريخ وقذائف الهاون.
وأوضحت القناة القطرية أن المدينة النفطية وميناء سدرة يقعان تحت سيطرة الثوار، لافتة إلى قرار القيادة العسكرية لثوار ائتلاف 17 شباط توزيع كميات النفط على عدة مستودعات، لحماية الخزانات الرئيسية.
في المقابل، أعلن التلفزيون الليبي أنه «جرى تطهير مدينة رأس لانوف وميناء سدرة من العصابات المسلحة، ورُفعت الراية الخضراء على جميع مرافقها». وأكدت القناة أن القوات الليبية «تطهّر الآن مدينة البريقة» شرقي بنغازي، والتي سقطت يوم الجمعة الماضي بأيدي الثوار.
ولم تكن البريقة (90 كيلومتراً شرقي رأس لانوف) هدفاً للقصف لعدة أيام، رغم أنها تقع على بعد بضعة كيلومترات عن خط المواجهة. وتحدثت الجزيرة نقلاً عن الصحافي سعيد، أن الثوار سيمشّطون بن جواد التي باتت بالكامل تحت سيطرتهم.
وعن الوضع في مدينة الزاوية، ذكرت «الجزيرة» أن قناصة تابعين للسلطة يعتلون أسطح المباني العالية في المدينة، ويستخدمون بعض المواطنين الذين جمعوهم من الضواحي دروعاً بشرية، وقد أجبروهم على ترداد هتافات موالية للقذافي. وأضافت أن الثوار الذين استعادوا السيطرة على الميدان الرئيسي في مدينة الزاوية، آثروا عدم التعامل مع قوات القذافي، حرصاً على حياة المدنيين، وأكدت نقلاً عن مصادر محلية أن الثوار ما زالوا يسيطرون على مناطق واسعة في المدينة.
من جهة ثانية، قالت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية ـــــ وحدة شمال أفريقيا، إن النظام الليبي لا يزال يستقدم المرتزقة لدفعهم إلى المعارك الجارية مع الثوار. وكشف البيان أن شركة خدمات أمنية إسرائيلية تدير عمليات نقل المرتزقة إلى ليبيا، وأن حكومة النيجر متورطة في عملية تجنيد المرتزقة، حيث هناك حالياً أكثر من عشرة آلاف مرتزق في ظروف مزرية على حدود النيجر.
من جهة ثانية، أعلن مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة، أن قرابة 250 ألف شخص فروا إلى خارج ليبيا بسبب الصراع الحالي في البلاد، وأن المنظمة الدولية تتوقع نزوح نحو مليون شخص. لكنه امتنع عن تأكيد تقارير عن احتجاز أجانب لاستخدامهم دروعاً بشرية في ليبيا.
وقال منسّق الشؤون الإنسانية في ليبيا التابع للأمم المتحدة، رشيد خاليكوف، إن «الوضع الإنساني في ليبيا يتغيّر يومياً»، وإن غالبية الفارين عبروا الحدود إلى تونس التي استقبلت نحو 134 ألف شخص، ومصر التي وصل إليها ما بين 104 آلاف شخص و107 آلاف، فيما وصل قرابة ستة آلاف إلى الجزائر ونحو ألفين إلى النيجر.
من جهته، ناشد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جيكوب كيلينبرغر، السلطات الليبية السماح للجنة بدخول المناطق الغربية، ومنها العاصمة طرابلس، لتقويم الاحتياجات، وذكّر الجانبين بأن القانون الدولي يجرّم استهداف المدنيين والمنشآت الطبية وسيارات الإسعاف. وقال كيلينبرغر «هناك الآن صراع مسلح غير دولي أو ما يمكن وصفه بأنه حرب أهلية».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)