المنامة | فيما تظهر بوادر وساطة تركية لحلّ الأزمة في البحرين، تبدو هذه الأخيرة في حالة حصار، أكثر من جيش وأكثر من جهاز أمني، استُكمل بحصار بحري كويتي، على أن ترسل عُمان بعض قواتها الجوية. ولم تكتف السلطات الأمنية بالحصار، بل عمدت الى تحطيم رمز الثورة لؤلؤة الدوار واستبداله بإشارات مرورية. وذكرت شبكة «بي بي سي» أن رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان، عقد اجتماعاً في أنقرة مع وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، بحثا خلاله الوضع الراهن في البحرين والشرق الأوسط، وما يمكن أن تفعله تركيا في هذا الإطار.
ونقلت قناة «العربية» عن بيان للخارجية التركية أن البحرين استجابت لطلب تركي بالجلوس إلى طاولة الحوار وإجراء الإصلاحات، فيما رفضت المعارضة الدعوة وأعربت عن أسفها الشديد لاختيار المعارضة سبيل التصعيد، وحثّتها على ترجيح كفة العقل والحكمة، بحسب «العربية».
وتتحدث مصادر عربية عن مبادرة تركية غير واضحة التفاصيل لإنهاء التوتر في البحرين. وذكرت مصادر إعلامية تركية أن أنقرة أجرت أخيراً اتصالات بالسعودية وايران والبحرين لبحث حل الأزمة.
في هذه الأثناء، تعيش البلاد في حالة حصار واشتباكات متنقلة. وتتفنن القوات الأمنية بدعم البلطجية في ترويع الأهالي وتكسير سيارات المعتصمين القريبة من دوار اللؤلوة الذي أزيل أمس، في مشهد يبعث الحزن على انهيار اللؤلؤة التي كانت تتربع وسط الدوار، في محاولة للنيل من رمز الثورة التي استمرت فعالياتها من القرى المتاخمة لتقول بوضوح: كل البحرين أضحت دوار اللؤلؤة.
وكانت المفارقة أن أحد أعمدة الدوار سقط فوق الآلية التي كانت تهدمه وهشّمها تماماً، فيما تهكّم البحرينيون قائلين إن «الدوار لا يزال يقاوم بمفرده». وأضاف بعضهم «لماذا لا يزيلون المرفأ المالي الذي اشتراه رئيس الوزراء بدينار واحد (٣ دولارات)، بينما قيمته الآن تزيد على مليار دينار بحريني؟». وبحسب ما كشفت الوثائق التي أظهرها الأمين العام لجمعية «الوفاق» الشيخ علي سلمان أخيراً، والذي علق على ما حصل بالقول «نحن خسرنا دواراً وأنتم خسرتم نصف الوطن، فأيهما أشد إيلاماً وأذى؟».
وفي صلاة الجمعة، أطلق الشيخ عيسى قاسم، الزعيم الشيعي الأبرز، صرخته المدوية بأنّ «الشعب لن يستسلم»، مضيفاً «الشعب مستمرّ في مطالبه ولن نركع إلا لله». وشدّد بإصرار: «كلنا فداء لهذا التراب والضربات تزيد الحديد صلابة»، مؤكداً أن «العنف الذي مارسته السلطة أدّى إلى شرخ غير مسبوق بين الحكومة والشعب، والمطالب لن تتوقف بأي ظرف من الظروف». لكنه أكّد أيضاً أنّ الثورة لن تنجرّ للعنف، وأنّها ستستمر في فعالياتها السلمية.
وشارك عشرات الآلاف في تشييع شهيدين، هما جعفر أحمد سلمان من قرية كرانة وأحمد فرحان من سترة. وفي الشوارع، استمرت نقاط التفتيش، وشوهد الكثير من الشباب البحريني، وهم يُنزلون من سياراتهم ويعتقلون أمام أعين المارة. وفُتّشت السيارات والهواتف المحمولة. أما مستشفى السلمانية، فلا يزال محاصراً بالمدرعات، وهو ما دفع الوكيل المساعد للشؤون الفنية بوزارة الصحة الى الاستقالة.
من جهة ثانية، أصدر وزير العمل جميل حميدان بياناً عبّر فيه عن انتقاده لما يجري للشعب. وانتقد وسائل الإعلام الرسمية، التي انكشفت فضيحتها أمس، بعدما عرض تلفزيون البحرين الرسمي صوراً لدهس شخص بوحشية وقتله، قائلاً إن الشخص المقتول هو رجل أمن. لكن الفضيحة كانت بخروج والد الشاب المقتول ليُعلن أن ابنه ليس رجل أمن، بل هو من المتظاهرين، وأنّه قُتل دهساً بسيارات مدنية تابعة للبلطجية. وقد رصدت الكاميرات لحظة قتل الشاب، حيث تناوبت سيارتان على دهسه حتى فارق الحياة.
وعقدت مجموعة من النواب السابقين والمستقيلين اجتماعاً تشاورياً مفتوحاً برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب السابق السيد عبدالهادي مرهون، ورأوا أن الحالة السياسية التي بلغتها البحرين قد دخلت منزلقاً ينذر بالكثير من المخاطر والعواقب، واتسعت فيها هوة العلاقة بين المواطنين والحكومة. ودعا المجتمعون الى «الوقف الفوري لعمليات الاستباحة لقرى البحرين ومدنها، وسفك دماء المواطنين الأبرياء العزّل، بما في ذلك وقف المداهمات والاعتقالات العشوائية، التي شملت مواطنين ونشطاء سياسيين ورؤساء جمعيات، إضافة إلى وقف الحملة الإعلامية غير النزيهة عبر جهاز الإعلام الرسمي، والتي من شأنها شقّ الصف وإشاعة الفرقة بين المواطنين».
بدوره، أكد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة أن قوات درع الجزيرة لن تشارك في عمليات حفظ الأمن في البلاد، لكنها ستشارك في الحفاظ على المصالح الاستراتيجية، مشيراً إلى دخول قوات إضافية إلى البحرين قريباً.
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مارتن نيزركي، أن «الأمين العام اتصل بملك البحرين من غواتيمالا (التي كان في زيارة لها) وأعرب عن أسفه العميق للتقارير التي تحدثت عن استخدام القوة المفرطة من قوى الأمن البحرينية بحق مدنيين عزّل، بما في ذلك ما نقل عن استهداف الفرق الطبية».
وأضاف نيزركي إن الأمين العام لفت نظر الملك عيسى بن حمد آل خليفة إلى أن أفعالاً كهذه «تخرق القوانين الإنسانية وقوانين حقوق الإنسان». وحثّه على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.