صنعاء | أفتتحُ نهاري كل يوم بتقليب صفحات الجرائد الفرنسية الثلاث الكبرى لأرى أسماء جديد الكتب الصادرة هناك والمكتوب عنها في الصفحات الثقافية وصفحات الكُتب. هكذا تبدو تلك الجرائد التي أقوم بقرصنتها بنسخها الكاملة التي يتطلب الاطلاع عليها دفع اشتراك في مواقعها الإلكترونية.
تبدو تلك الجرائد بوّابة مفتوحة لاختيار الكتب الجديدة التي عليّ قرصنتها مساء كل يوم من أجلي ومن أجل أصدقائي الذين يقيم بعضهم في فرنسا مثلاً، حيث تُعاقب أفعال القرصنة الإلكترونية، وعليه لا يقدرون على فعل ما أقدر على فعله أنا. كما هم بحاجة إلى تلك الكتب التي تعينهم في دراستهم هناك ولا يقدرون على شرائها. لم أعد أستغرب وأنا أفتح صندوق بريدي لأجد طلبات جديدة من أصدقاء أصدقائي وهم يطلبون كُتباً بعينها توازي التخصص الذي يدرسونه.
لقد صار عنواني البريدي مشهوراً وهو يتنقل من طالب عربي مقيم في فرنسا إلى طالب آخر، وهنا متعة القرصنة التي أتاحت لي التعرف إلى أصدقاء جدد.
لقد صار عنواني البريدي
مشهوراً وهو يتنقل بين الطلاب العرب المقيمين في فرنسا

وهي توازي متعة لمس الكتب الصادرة حديثاً وهي تصلني قبل وصولها إلى النّاس. شعور لذيذ وأنت تقوم بلمس كتاب جديد لفيليب سولرز، أصدره قبل أيّام قليلة وفي توقيت متواز مع مئوية صديقه الحميم رولان بارت ... أن تقرأه قبل النّاس في فرنسا، هو الشعور نفسه وأنت تعيد امتلاك مكتبة بارت كُلّها بنسخ إلكترونية وتصبح بضغطة زر واحدة في رصيدك المكتبي تلجأ إليها في أي وقت تشاء من دون عذاب البحث عنها في زحمة الكتب الورقية لديك. ينطبق الأمر تماماً على كتب ميشال فوكو أو ألبير كامو وغيرهما ممن يساعدون في تسهيل شغلك أو تغطية حاجتك الروحية في إعادة قراءتهم مرة أخرى.
تنعدم هنا القدرة على الحديث عن عدم جواز قرصنة تلك الكُتب، على اعتبار الأمر تجاوزاً لحقوق الآخرين لأسباب كثيرة؛ أولها أنني لم أعد أمتلك وسائل طبيعية وقانونية تصلني بتلك الكتب، فأنا أقيم في بلد يعاني حالة حصار وعدوان سعودي مستمر منذ تسعة أشهر، ولم يعد يصلنا أي شيء جديد من العالم. وثانياً، أنا أقوم بالكتابة عن معظم تلك الكُتب الصادرة حديثاً، وبالتالي يمكن اعتبارها خدمة مقابل خدمة لصالح دور النشر تلك، فمن صالحها أن يقوم أحدهم بالترويج للكتب الصادرة عنها. هكذا يبدو ضميري مرتاحاً من هذه الناحية. يختلف الأمر هنا بالنسبة إلى دور النشر العربية، واللبنانية منها تحديداً، وخصوصاً تلك التي أرتبط بعدد من أصحابها والعاملين فيها بعلاقة صداقة ومعرفة. هنا، لا أقوم أبداً بقرصنة جديدهم أو الترويج له على صفحتي الشخصية على الفايسبوك، كما أنهم يبعثون لي بالكتب التي أحتاج إليها. وهنا يقيم معنى الصداقة العميق.
وهكذا ينتهي يومي، وأنام سعيداً في انتظار اليوم التالي، وموعد جديد مع كتب جديدة ومتعة جديدة وهكذا الحياة.