استضافت الرياض أمس اجتماعاً لقادة المعارضة اليمنية مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي للبحث في شروطهم قبل خوض محادثات رسمية بشأن تنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة، وذلك على ضوء المبادرة الخليجية التي طرحتها دول مجلس التعاون من خلال خمسة مبادئ وخطوتين تنفيذيتين لحل الأزمة.
وترأس الاجتماع، وهو الثالث لبحث الأزمة اليمنية، وزير الخارجية الإماراتي رئيس الدورة الحالية للمجلس الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان. فيما ترأس وفد المعارضة اليمنية محمد سالم باسندوه، وزير الخارجية السابق، إضافة الى الأمين العام للحزب الاشتراكي، ياسين سعيد نعمان، والأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي)، عبد الوهاب الأنسي وسلطان العتواني عن التنظيم «الوحدوي الناصري» وحسن محمد زيد عن حزب «الحق».
وتقوم المبادرة الخليجية على أن يعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح نقل صلاحياته لنائبه، وتأليف حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة، لها الحق في تأليف لجان مختصة لتسيير الأمور سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ووضع الدستور وإجراء الانتخابات.
وكانت مصادر مطّلعة في الرياض قد قالت إن اجتماع وزراء خارجية الخليج سيكون مغلقاً وسيقتصر عليهم، قبل اللقاء بالوفد اليمني، الذي يضمّ ثمانية أشخاص يمثّلون مختلف الأحزاب والتجمعات المعارضة للرئيس اليمني لمناقشة بنود المبادرة الخليجية وسبل تنفيذها.
وأضافت المصادر إن وزراء خارجية التعاون «مصممون على ضرورة حل المشكلة اليمنية خلال اجتماعهم لوقف نزف الدم اليمني». وتوقع مصدر مطّلع أن يخرج الاجتماع بنتائج إيجابية.
وكانت المعارضة قد رفضت اقتراحاً خليجياً لأنه يوفر في ما يبدو حصانة لصالح من المحاكمة. لكنها عادت ووافقت على اللقاء بناءً على دعوة من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وشرط عدم حضور أي ممثل لصالح. وقد أكد مصدر قريب من الحكومة أنه «لا مبعوث حكومياً يتوجه الى الرياض».
لكن مصدراً سياسياً مطلعاً قال إن «وفداً رسمياً يتوقع أن يضمّ نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والدكتور عبد الكريم الأرياني، مستشار الرئيس» علي عبد الله صالح، سينضمّ إلى اجتماع الرياض.
وأكّد باسندوه قبيل الاجتماع أن تنحي صالح غير قابل للتفاوض. وأعرب عن أمله في أن يدعم «الأصدقاء الأميركيون والأوروبيون، وكذلك الأشقاء في الخليج هذه المبادرة لأنه ليس هناك أي حل آخر سوى رحيل صالح».
بدوره، أعلن رئيس اللقاء المشترك ياسين سعيد نعمان قبيل الاجتماع «سنلتقي في الرياض بوزراء خارجية مجلس التعاون لطلب الإيضاح عن مبادرتهم في ما يتعلق بتنحّي الرئيس».
وقال إن الوفد برئاسة باسندوه وعضوية عبد الوهاب الأنسي «سيشرح حقيقة الوضع في اليمن، ولا سيما أن الوضع يتعرض لانهيارات خطيرة في ظل ما يمارسه النظام»، مشيراً إلى أن «هناك تضليلاً من قبل النظام، مرة بإرسال وزير الخارجية الى الرياض، ومرة بإرسال رئيس جهاز الأمن القومي، ولذلك وجب شرح حقيقة الوضع خلال اجتماع الرياض».
وكانت قد جرت اتصالات أميركية وأوروبية مع اللقاء المشترك في الأيام الأخيرة في صنعاء لتقريب وجهات النظر. وقال دبلوماسي غربي «جرى تقديم تطمينات أميركية وأوروبية للقاء المشترك من أجل إنجاح المبادرة الخليجية، انطلاقاً من تطبيق البند الأول بتنحّي الرئيس صالح في أقرب وقت». كذلك أفادت يومية «الأولى» المستقلة بوجود جدولة أميركية للمبادرة التي قدمها مجلس التعاون تقضي بنقل صالح صلاحياته لنائب يجري تعيينه خلال شهر.
غير أن نعمان قال في تصريحه إن «المبادرة التي تقدمت بها أميركا والاتحاد الأوروبي تتحدث عن جدولة لتنفيذ المبادرة الأولى التي أطلقتها دول مجلس التعاون».
وأشار الى «عدم اكتمال بناء هذه المبادرة حتى اللحظة الراهنة، لذلك سوف نستكمل الحوار في المبادرة الأولى، بعدها نتحاور (بالنسبة) للجدولة، لأنها شؤون دولية ولا سيما أن بناءها لم يكتمل حتى اللحظة الراهنة».
بدوره، أبدى الأمين العام لحزب «الحق» المعارض حسن محمد زيد مخاوفه من أن يكون اجتماع أحزاب «اللقاء المشترك» في الرياض بمثابة « فخ لبحث مبادرة خليجية لا تنص على التنحي».
وقال إن حضور المعارضة في الرياض «مهم للغاية»، بعدما جرى «تهميش الأحزاب ومشايخ القبائل والشباب في الساحات ومنظمات المجتمع المدني»، بفعل الصورة التي كرست لدى العالم بأن ما يحدث في اليمن هو صراع بين النظام ومنشقّين عسكريين عنه.
وبالنسبة إلى موقف شباب الثورة من اجتماع الرياض، قال القيادي في «ثورة شباب التغيير» والناشط الحقوقي خالد الأنسي «حددنا موقفنا من جميع المبادرات بأنه لا قبول لها لأنها ثورة وليست أزمة سياسية، وأيّ حلّ يفترض أن يأتي لإنقاذ اليمن، وليس إنقاذ علي صالح وعلى أساس قاعدة التنحي الفوري دون أدنى قيد أو شرط».
وأضاف «ليس في اليمن أزمة، بل ثورة، وأي تعامل على أساس غير ذلك أو دون احترام خيارنا في التنحّي الفوري دون أدنى قيد أو شرط فهو مرفوض».
على مستوى فعاليات الثورة، تظاهرت نساء يمنيات في صنعاء ومدن يمنية أخرى احتجاجاً على دعوة الرئيس اليمني الى منع الاختلاط بين المتظاهرين الذين يطالبون بتنحيه.
ونظمت النساء مسيرة من ساحة التغيير الى النيابة العامة، حيث سلمن رسالة للنائب العام «اعتصام للنساء حتى يسقط النظام»، قلن فيها «نطالب برد الاعتبار لنساء اليمن لما جاء في خطاب الرئيس من إساءة وانتهاك للأعراف».
وفي مدينتي تعز وأب، نظّمت النساء اعتصاماً ووجّهن رسالة الى النيابة العامة للمطالبة باحترام حقوق النساء في اليمن. ولا تزال ترغم المرأة في اليمن على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، لكن الاختلاط مسموح به في الوظائف العامة وخصوصاً الجامعات.
في هذه الأثناء، شُلّت الحركة في شكل شبه تام في مدينة عدن بجنوب اليمن التي اختارت الالتزام بالعصيان المدني تعبيراً عن احتجاجها ضدّ الرئيس اليمني.
وأغلقت المحال التجارية والمدارس ومعظم المقارّ الحكومية أبوابها، وخلت شوارع المدينة من المارة بعدما وضع المحتجون حواجز من الحجارة وبراميل القمامة في معظم الشوارع الرئيسية والفرعية للحد من الحركة.
وفرّقت قوات الأمن والجيش العشرات من الشباب الواقفين بالقرب من الحواجز التي وضعوها للحدّ من مرور السيارات. وحاول عشرات الشبان اقتحام مقر شرطة المنصورة في المدينة، إلا أن عناصر الشرطة أطلقوا النار في الهواء لتفريقهم.
في غضون ذلك، سقط عشرات الجرحى جراء إطلاق النار الحيّ والغاز المسيّل للدموع باتجاه محتجين يطالبون برحيل الرئيس صالح في صنعاء ومدينة ذمار جنوب العاصمة.
وقالت مصادر محلية وشهود عيان، «أصيب العشرات من المحتجين عند اعتراض تظاهرة بشارع الجزائر جنوب صنعاء تطالب بإسقاط النظام من قبل قوات الأمن اليمنية، ومسلحين بزي مدني بالقرب من مكتب نجل الرئيس اليمني أحمد علي عبد الله صالح». الى ذلك، قتل جندي يمني في كمين نصبه عناصر من تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» في مديرية لودر التابعة لمحافظة أبين، التي يتخذ منها التنظيم مقراً لتنفيذ عمليات تطال عسكريين ومسؤولين.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، الأخبار)



القوات السعودية تعتقل الآلاف على الحدود

أعلنت قوات الأمن السعودية أنها تمكنت من إلقاء القبض على 18575 شخصاً خلال الشهر الماضي من مخالفي أنظمة الإقامة والعمل والمتسولين في منطقة جازان على الحدود الجنوبية مع اليمن، من دون أن تكشف عن جنسياتهم.
وقال مدير شرطة منطقة جازان اللواء جميل بن عطية الرحيلي، أمس إن «شرطة المنطقة والإدارات التابعة لها تمكنت الشهر الماضي من كشف 79 حالة تزوير هوية وإلقاء القبض على 20 مطلوباً جنائياً و101 سيارة مطلوبة ومسروقة و29 دراجة نارية مخالفة و18 شخصاً نقلوا 54 متسللاً من جنسيات مختلفة».
وأوضح الرحيلي أنه من خلال الحملات الأمنية التي قامت بها الشرطة «ضبطت 80 بلاطة حشيش و1592 كيلو قات وست قوارير مسكر وتحرير 17038 مخالفة مرورية».
وأكد تنفيذ الحملات الأمنية في مختلف محافظات المنطقة ومراكزها وقراها «بما يضمن حفظ أمن الوطن وضبط المهربين والمتسللين».
(أ ف ب)