حيفا ــ الأخبار الأحداث التي شهدتها الحدود السورية ـــــ الإسرائيلية يوم أمس، ونجاح العشرات في اختراق حدود وقف النار، وضعت الجيش الإسرائيلي، مرة أخرى، في حالة حرج على المستوى الداخلي، ما دفع بأوساط عسكرية إلى وصف ما حدث بـ«الخلل»، وسط ادّعاء وجود «أياد إيرانية» خلف المجريات.

واعترفت أوساط رسمية في الجيش الإسرائيلي بأنه لم تكن هناك أي معلومات استخبارية بشأن نيات المتظاهرين السوريين اختراق حدود وقف إطلاق النار، والدخول إلى قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل. لكنها عدلت عن توصيف تعاطي الجيش الإسرائيلي (الذي قتل المتظاهرين) بـ«الخلل»، لتعود وتقول إنه «جيد». وأوضحت هذه الأوساط لوسائل إعلام إسرائيلية أن القوات الإسرائيلية استعدت لإمكان أن يحاول المتظاهرون السوريون الذين سيتجمعون في أعقاب ذكرى النكبة، الوصول إلى الجدار، لكن احتمالات تطور الأمور إلى «حدث عنيف في تلة الصيحات (في مجدل شمس) لم تكن عالية».
وفي أعقاب الحدث، عقد قائد هيئة الأركان الإسرائيلية العليا، بيني غينتس، اجتماعاً تقويمياً بعد يوم مليء بالأحداث على الحدود الشمالية والجنوبية والشرقية، وأمر قوات الجيش بالاستعداد لكل «إمكان وارد في أعقاب الأحداث». وأمر قادة المنطقة العسكرية الشمالية بـ«ترميم الأضرار التي أصابت الشريط الحدودي بعدما اخترقه المتظاهرون». كذلك أعلن الجيش الإسرائيلي أن قرية مجدل شمس منطقة عسكرية مغلقة، لا يسمح حتى للشرطة الإسرائيلية بدخولها.
وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فقد أجرى الجيش الإسرائيلي تحقيقاً أولياً أظهر أن أكثر من ألف سوري وصلوا إلى الحدود، «فيما القوات السورية لم تنجح، أو لم ترغب، في وقف الجماهير. أكثر من 300 شخص، بينهم أطفال، وصلوا إلى الحدود نفسها، وعبر معظمهم الحدود إلى داخل إسرائيل». وقال ضابط الوحدة أشكول شوكرون. إنه أمر الجنود «بتوجيه الرصاص إلى الجزء السفلي للجسم فقط».
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أعلنت أنّ شاحنة يقودها شخص من فلسطينيي 48، اصطدمت بالعديد من السيارات والمارة في وسط تل أبيب، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة خمسة على الأقل. وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية، ميكي روزنفيلد، إن تقديرات الشرطة هي أن حادث الدهس كان هجوماً متعمّداً في يوم إحياء ذكرى النكبة.
سياسياً، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو: «نتمنى أن يعود الهدوء بسرعة»، مضيفاً «لكن نحن مصممون على الحفاظ على حدودنا وسيادتنا». وتابع «كما أوضح منظّمو التظاهرات يوم النكبة، فإن صراعهم ليس على حدود عام 1967، بل هو لزعزعة مجرد قيام دولة إسرائيل»، مشدداً «علينا النظر بعيون متيقنة على الواقع ونعرف ضد من نحن نتعامل وقبالة ماذا نحن نتأقلم».
وسعت الخارجية الإسرائيلية إلى توجيه سفرائها في الخارج حول كيفية تفسير المجريات في مجدل شمس. ويقع في صلب هذا التوجّه تحميل مسؤولية استشهاد السوريين للنظام السوري. إذ رأت أن «الجيش السوري هو من يسيطر على المعابر الحدودية مع إسرائيل، ولذا لا يمكن أن يكون المتظاهرون قد وصلوا الى المكان من دون موافقة أو علم من الجيش السوري».
وتطرق وزير المال الإسرائيلي يوفال شطاينتس إلى نظام بشار الأسد قائلاً: «من لا يخشى قتل الآلاف من مواطنيه من أجل إنقاذ نظامه، فإنه لا يخشى أيضاً أن يرسلهم من أجل أن يقطعوا خط الحدود مع إسرائيل».
أحداث أمس تزامنت مع حفل تنصيب يورام كوهين رئيساً لجهاز الأمن الإسرائيلي العام «شاباك»، الذي لفت إلى أن «قلة الاستقرار الحالي في الشرق الأوسط تفيد الجماعات الإسلامية المتطرفة في المنطقة».
وفي السياق، قال المحلل العسكري لموقع «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي: «لا شك أن أحداث يوم النكبة هي فقط مقدمة لما يمكن أن يحصل في أيلول هذا العام، بعد جلسة مجلس الأمن التي ينوي من خلالها الفلسطينيون نيل الاعتراف بالدولة». وأضاف «من المهم أن تستخلص إسرائيل العبر من يوم النكبة، وتستعد لتظاهرات ضخمة عربية، مع الأخذ بالاعتبار جميع الأساطيل الآتية إلى قطاع غزة».
من جهته، كتب خبير الشؤون العربية، إيال زيسر، أن «ما جرى ما كان ليجري في الأيام الجيدة لحافظ الأسد»، موضحاً أن «سوريا (في عهد) حافظ (الأسد)، وفي معظم سنوات حكم ابنه بشار، كانت دولة شرطة منظمة، لا يمكن فيها أي حركة متظاهرين معارضين أن تكون مسموحة من دون علم ومصادقة النظام».
وتابع زيسر أنه «حتى اليوم، الهدوء على الحدود الشمالية كان مصاناً تقريباً. عادة لا يسمح السوريون لمواطنيهم بالاقتراب من الحدود». وأضاف «عندما يريد الجيش السوري أن يمنع مواطنيه، فإنه يفعل ذلك على نحو جيد، كما رأينا في الأسابيع الماضية من خلال منع التجول الذي أمر به الأسد وطال عدداً من المدن. في الوضع الحالي، هناك في سوريا، على ما يبدو، من سمح لهذه التظاهرات بأن تندلع. الوقت سيقول ما إذا كان الحديث يجري عن حدث محدد فقط».