للمرة الأولى منذ بدء العدوان السعودي على اليمن، دخلت قوات برّية تابعة للتحالف الأراضي اليمنية بصورةٍ رسمية، يوم أمس، في ظلّ تغطية إعلامية كاملة من وسائل إعلام قريبة من التحالف. وعلمت «الأخبار» أن قوات سعودية ويمنية (تدرّبت في السعودية) يقودها اللواء محمد علي المقدشي، والعميد هاشم الأحمر واللواء علي محسن الأحمر، توجهت من محافظة شرورة السعودية إلى منطقة العبر في محافظة حضرموت عبر منفذ الوديعة، بغرض فتح جبهة في محافظتي شبوة (جنوب) ومأرب (شرق)، لمؤازرة المجموعات المسلحة التابعة لحزب «الإصلاح» ولـ «القاعدة» في مواجهة الجيش و«اللجان الشعبية».
وقال مصدر يمني لـ «الأخبار» (صنعاء ــ علي جاحز)، إن بعض القوات الغازية دخلت منطقة العبر وتجمعت في معسكر «اللواء 23 ميكا» الذي كان طيران التحالف قد قصفه الشهر الماضي، علماً بأنه معسكر موالٍ لهادي؛ مؤكداً أنه يجري حالياً انتشار مكثف لتلك القوات في العبر ومحيطها، حيث تقوم بتعزيز النقاط العسكرية.
وأضاف المصدر أن أكثر من 130 مدرعة تابعة للقوات السعودية والاماراتية دخلت من شرورة، لافتاً إلى الاستعدادات لدى قوات الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، لمواجهتها سواء في مأرب أو على مشارف شبوة، برغم توقعاتهم بإسناد جوّي من قبل طيران التحالف قد يصل إلى أسلوب «الأرض المحروقة» اعتمده العدوان في عدن ولحج أخيراً، لضمان تقدم المسلحين.
الخطوة الرسمية التي تأخرت خمسة أشهر جاءت في وقتٍ ازداد فيه الحديث عن قرب الحسم الميداني، لتعزيز إمكانية إنهاء الصراع وإطلاق العملية السياسية. ومنذ بداية العدوان السعودي على اليمن، أثيرت التساؤلات حول إمكانية الاقدام على تدخل عسكري برّي، يضع قوات التحالف في مواجهة الجيش و«أنصار الله» في الميدان، عوضاً عن الاكتفاء بالعمليات الجوية التي تواصلت بلا مكاسب واضحة للتحالف. كان واضحاً في الأشهر الأولى لـ «عاصفة الحزم» أن السعودية، التي خاضت مواجهات برية مع حركة «أنصار الله» بين عامي 2009 و2010، تتجنب التورط بحربٍ برّية، ولا سيما أن وجود «أنصار الله» لم يعد محصوراً بمحافظة صعدة، كما كان قبل ستة أعوام، بل أصبح على امتداد غالبية المحافظات من الشمال إلى الجنوب. وبعدما أخفقت الرياض بـ «استئجار» جيش باكستاني أو مصري، بعد تمنع الأخيرتين عن خوض المغامرة البرّية بالنيابة عن المملكة، خفت الحدث عن هجومٍ برّي مباشر، في وقتٍ كانت تحاول فيه المجموعات المسلحة اليمنية، المؤيدة للتحالف وللرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، تولّي مهمة المواجهة مع الجيش و«أنصار الله» وطردهم من المحافظات الجنوبية.
وطوال الفترة الماضية، تمكن التحالف من القيام بعدد من الانزالات عبر ميناء عدن، لمؤازرة المجموعات المسلحة التي يطغى على أدائها التخبّط والعشوائية، فضلاً عن تعارض مشاربها وأهدافها. الانزالات التي لم يعترف التحالف بها، بالإضافة إلى نفيه بعضها بصورةٍ رسمية، كانت تضمّ جنودا يمنيين مدربين في الخارج، معظمهم جنوبيون، بالإضافة إلى قوات إماراتية وباكستانية وسودانية ومن جنسيات أخرى، من الدول التي أبدت استعدادها لتقديم الدعم العسكري البرّي للتحالف، إلا أن تطوراً لافتاً برز على هذا الصعيد، جاء بعيد الخروقات التي أحدثها التحالف جنوباً، وهو الاتفاق الجديد بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهادي، الذي يسمح بإرسال قوات بحرية مصرية لحماية موانئ الجنوب وتدريب ضباط يمنيين، بالاضافة إلى اتفاق على تدريب القاهرة عناصر من الجيش اليمني الموالي لهادي، لحماية باب المندب.
وبعد تمكن القوات المؤيدة للتحالف التي تقودها الامارات من السيطرة على عدن وعلى قاعدة العند في لحج، تستعر الآن المعارك في تعز التي تستعد قوات الغزو السعودي ـ الإماراتي، لشنّ هجوم عليها شبيه بما شهدته عدن ولحج. وتشهد مناطق عدة في تعز معارك عنيفة بين الجيش و«اللجان الشعبية»، والقوات الموالية للعدوان، وأبرزها مسلحو حزب «الاصلاح»، الذي يحظى بحيثية كبرى في المحافظة.
وفي محافظة أبين الواقعة شرق عدن، يكثف التحالف غاراته، إذ شن أمس، عشرات الغارات الجوية على مقر «اللواء 15» التابع لقوات صالح بين مدينة زنجبار (مركز أبين)، ومدينة شقرة على ساحل المحافظة، بالاضافة إلى تواصل المواجهات في محافظة مأرب. وكانت وسائل الإعلام القريبة من العدوان، قد تحدثت في الأيام الاخيرة، عن أن تعز هي الهدف المقبل لهجوم المجموعات المسلحة، وتحديداً ميناء المخاء الساحلي في المحافظة، القريب من مضيق باب المندب.
من جهةٍ أخرى، وللمرة الأولى منذ بدء العدوان، هبطت طائرة مدنية تابعة للخطوط اليمنية في مطار عدن الدولي، بعد نحو أربعة أشهر من توقف الرحلات. وبحسب مدير المطار، طارق عبده، فإن الطائرة تقل لاجئين يمنيين حطت في مطار عدن الدولي آتية من جيبوتي. وأكدت مصادر أخرى أن طائرة تابعة للصليب الأحمر تحمل 30 مقاتلاً جنوبياً جرى أسرهم في معارك سابقة ونقلهم إلى صنعاء، هبطت أيضاً في عدن يوم أمس. على أن يجري مبادلتهم بسبعة أسرى من «أنصار الله» محتجزين في عدن، في أول تبادل للأسرى يجري بوساطة منظمة دولية.
وفيما واصل طيران التحالف غاراته على المحافظات اليمنية أمس، استهدف الجيش و«اللجان الشعبية» موقع الجمارك في محافظة جيزان السعودية، ما أدى إلى فرار جماعي للجنود السعوديين. وشنت القوات السعودية قصفاً مدفعياً على مواقع في وادي جارة السعودي التي يسيطر عليها الجيش اليمني بعد فشل الجيش السعودي في استعادتها.
كذلك، استهدف القصف من الجانب اليمني موقع المعزاب العسكري السعودي في جيزان، ما أدى إلى فرار الجنود وتدمير آليات عسكرية، بالإضافة إلى استهداف مقر حرس الحدود في نجران.

(الأخبار، أ ف ب)