إذا كان فيلم «ناجي العلي» (1992) هو الأبرز «سياسياً» في مشوار نور الشريف السينمائي، فالأمر مرتبط بالحملة العنيفة التي طاردت الفنان الكبير. فهو أوّل وآخر ممثل مصري يفكر في تجسيد شخصية رسام الكاريكاتور الفلسطيني الشهيد. كادت الحملة أن تدفع به إلى الهجرة خارج مصر، بعدما شنت عليه الصحف القومية حرباً شعواء لا هوادة فيها، وأُعلنت مقاطعة أعماله في الخليج لفترة ليست بالقصيرة.
لكن «ناجي العلي» لم يكن الحدث السياسي الاستثنائي في مشوار «نور الشريف»، فقد كانت آراؤه السياسية حاضرة دائماً وإن امتنع عن الإدلاء بها إلا في الوقت المناسب. رفض عروضاً كثيرة للكلام خلال «ثورة يناير»، وخرج فقط في حوار حصري مع الإعلامي والمخرج عمر زهران في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 على قناة cbc. قال وقتها إنّ حال الإعلام بعد خلع الرئيس حسني مبارك لم يكن يرضيه، فالتزم الصمت، وأكد سعادته بالثورة وخوفه مما قد يحدث بعدها. طوال 30 عاماً قضاها مبارك في السلطة، لا يصطاد أحد نور الشريف، وهو يحاول الاقتراب من قصر الحكم. حقق نفوذه الدائم عبر فنّه وجمهوره فقط. في حواره مع زهران، تفوّه بأهم تصريحاته، إذ اعتبر اتفاقية «كامب دايفد» التي وقّعتها مصر مع العدو الإسرائيلي «كارثة»، مؤكداً أنّه لم يغير رأيه فيها بعد أربعة عقود. أما السبب، فهو تحييدها للجيش المصري. وقال الشريف أيضاً إنّ حركة «حماس» أخطأت عندما فصلت قطاع غزّة عن الضفة الغربية، مضيفاً أنّ حماسه لتجسيد مؤسس الحركة الراحل أحمد ياسين جاء على خلفية إيمانه بأنّ الرجل عاش ومات على مبادئه. وكان الشريف متحمّساً أيضاً لتجسيد شخصية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ولتقديم فيلم عن القدس. كلّها مشاريع لم تتحقق، لكنّها تؤكد البعد العربي الدائم في فكر نور الشريف، وترسّخ حقيقة أنّ «ناجي العلي» لم يكن استثناءً أو مغامرة. لقد كان تعبيراً عن ثقافة وقناعة فنان كبير نعاه الملايين بحزن حقيقي ولم يتذكّر أحد من هاجموه وكادوا أن يرغموه على مغادرة مصر.