بتثاقل، تتقدم السيدة نحو مدخل المدرسة الرسمية في بلدة النجارية ـــــ قضاء الزهراني. تسير بضع خطوات ثم تتوقف لتعدّ المبلغ المالي في حوزتها وتحسب في رأسها، إن كان يكفي لتسجيل أولادها الخمسة. قد يجد كثيرون من ذوي التلامذة في التعليم الرسمي أنهم محظوظون بالمقارنة مع نار الأقساط في المدارس الخاصة. لكن «جحيم» الضائقة الاقتصادية الذي يطال معظم اللبنانيين، يجعل من الرسم المدرسي الرسمي قطوعاً صعباً. فأم حسين مثلاً، دفعت 210 آلاف ليرة رسوم تسجيل ثلاثة من أولادها في المرحلة الابتدائية و180 ألفاً لاثنين آخرين في المرحلة المتوسطة. بالنسبة إلى زوجة أجير يومي في البساتين، فإن الـ390 ألفاً، تضاف إليها مصاريف الكتب والقرطاسية، تفوق قدرة الأسرة المتواضعة. داخل باحة المدرسة، يسأل عدد من ذوي التلامذة المعدومي الحال، عن موعد انتهاء مهلة التسجيل. فالمهلة انتهت السبت الماضي والإقبال لم يكن كبيراً. مصدر إداري يؤكد أنّ نحو نصف الطلاب لم يتسجلوا بعد. والسبب يعود إلى تقاطع التزامات اقتصادية كثيرة.
هكذا، طلب عدد من الأهالي استمهالهم في دفع الرسوم المستحقة إلى أواخر الجاري أو أوائل المقبل لـ«تدبير» المبالغ. وهناك من يتأمل بهبوط «مكرمة» سعودية تعفيه من الرسوم، وإن كان هذا التمني من نسج الخيال، وخصوصاً إذا علمنا أنّ الهبة السعودية للعام الماضي لم تحوّل إلى كثير من المدارس الرسمية، ومنها مدرسة النجارية، وهي لا تزال في وزارة المال.
تتفاوت قيمة المبلغ الذي تحدده إدارة كل مدرسة لصندوق الأهل، فقد حدد بعضها 70 ألفاً للمرحلة الابتدائية و90 ألفاً للمتوسطة، وطلبت إدارات أخرى بين 60 و80 ألفاً. وسبب التفاوت يعود إلى تقدير كل إدارة لحاجاتها وعدد طلابها.