البقاع | تخطّت يوم أمس نسمات الحرية فلسطين. تجاوزت الحدود والمسافات. فالأرض المحتلة أبت إلا أن تشرك أبناءها في الشتات ببعض من نسيم الحرية ونشوة الانتصار على العدو الإسرائيلي. يوم أمس طاولت تلك النسمات مخيم الجليل في بعلبك. فارتسمت علامات الفرح والنصر على الوجوه، رغم حالة الحزن التي يعيشها المخيم منذ أيام، لفقده اثنين من فتيته، لا يتجاوزان العشر سنوات من العمر، أحدهما في حادث صدم، وآخر بطلق ناري عشوائي «غادر».
صباح المخيم كان هادئاً، والأزقة الضيقة داخله كانت شبه خالية. فعيون أبناء الجليل لم تبرح شاشات التلفزة، في البراكسات وحتى في المحالّ التجارية الصغيرة. عيون ترقب بدقة عملية التبادل «لأن عدونا غدار»، كما يقول أحمد عبود، ابن المخيم الذي يرى في العملية «حدثاً كبيراً ومشرّفاً للفلسطينيين». لحظات انتظار التبادل تطول، وتستمر حتى وقت الظهيرة ليعم بعدها الخبر السعيد أرجاء المخيم، «بدأ الأسرى دخول فلسطين». تهانئ وتبريكات متبادلة بين أبناء لاجئي المخيم، وأناشيد ثورية وحواجز محبة أمام مدخله الرئيسي، لتوزيع الورود والحلويات على المارة، تبعتها مساءً مسيرة حمل خلالها أبناء المخيم مشاعل، وجابوا الأزقة داخله.
المسؤول السياسي لحماس في مخيم الجليل في بعلبك عزت منصور ارتسمت على معالم وجهه علامات الفرح بالانتصار الكبير الذي تحقق. فالرجل لا يرى في عملية التبادل «انتصاراً للفلسطينيين فقط، بل لكل العرب والمسلمين أيضاً»، مؤكداً على خيار المقاومة بدلاً من المفاوضات، «لأنه الخيار الأنجح والوحيد لاستعادة أرضنا وكافة الحقوق المسلوبة». يعاهد منصور أبناء الشعب الفلسطيني على «أسر المزيد من الصهاينة حتى تحرير جميع الأسرى».
أما مسؤول الجهاد الإسلامي في البقاع عطا سحويل، فقد رأى أن الكيان الصهيوني يعيش اليوم حالة من القهر والهزيمة النفسية والمعنوية، لكونه لم يتمكن بكل مقدراته المالية والاستخبارية والتكنولوجية من معرفة مكان الجندي شاليط، حتى قبل يومين، فيما تعيش المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها حالة نصر لإنجازها البطولي.
حالة الفرح التي عاشها المخيم يوم أمس لم تخلُ من بعض القلق، الذي من الممكن أن يستمر للشهرين المقبلين، تاريخ إطلاق الدفعة الثانية من الأسرى، فقد أوضح كارم طه أمين سر اللجنة الشعبية للتحالف الفلسطيني في مخيم الجليل أن إسرائيل «التي خانت وتمردت على أنبيائها قد تمتنع عن خيانة هذا الاتفاق، فالكيان الغاصب الذي لا يحترم المواثيق والاتفاقيات الدولية لا يمكن إلا أن يفتعل أحداثاً قد تطيح الاتفاق، ومنها الملف المصري»، لكنّ طه نفسه يرى أن «الضامن المصري والوسيط الألماني قد يمنعان العدو الإسرائيلي من النكث باتفاقية إطلاق 550 أسيراً لا يزالون ينتظرون في السجون».
إذاً، مخيم الجليل تنفس حرية، كما جليل فلسطين وغزة والضفة وحيفا ويافا، على وقع احتفالات إنشادية ستستمر أياماً مع تقبل للتهاني يوم الجمعة المقبل داخل أسوار المخيم.