حيفا | فيما شُغل الإعلام الإسرائيلي بحياة جلعاد شاليط وحالته النفسية والجسدية، قليلة هي الصحف العربية والفلسطينية التي تناولت حال الأسرى الفلسطينيين الشخصية ومستقبل الأسير وبيته وعائلته، وحالته قبل الأسر وبعده. صور مهرجان غزة الذي أقيم لاستقبال الأسرى انتشرت عبر المواقع الإلكترونية في فلسطين، واحتلّت وسائل الإعلام مساء أمس. هذه الصورة التي منحت شعوراً بالانتصار العام، غيّبت الأسرى بوصفهم وجوهاً أناساً وأسماءً وقصصاً.
هكذا، قد يمكن وصف تعاطي الوسائل الإعلامية مع تحرير الأسرى الفلسطينيين. على سبيل المثال، حُرِّر خمسة أسرى من فلسطينيي الـ48، إلا أنّ غالبية المواقع الإخبارية في الداخل الفلسطيني نقلت أجواء الفرحة العامة لا قصص الأسرى وحياتهم الشخصية. صور كثيرة وتفاصيل أقل عن سنّهم وتهمهم وقصصهم الشخصية، رغم أنَّ لكل أسير ما يقوله.
لقد قال رئيس الوزراء الاسرائيلي إنَّ الجيش الإسرائيلي «لا يترك جنوده في الميدان»، لكنَّ الحقيقة الظاهرة أنَّ الإعلام الإسرائيلي أيضاً «لا يترك جنوده» في الميدان. على مدار الأيام الماضية، وتحديداً منذ إعلان قضية تبادل الأسرى، راحت الصحف الإسرائيلية تخصّص غالبية صفحاتها لتغطية الحدث عن الجندي الإسرائيلي الذي استُبدل بـ1027 أسيراً فلسطينياً. وبلغت هذه الصحف ذروتها أمس حين قرّرت تخصيص صفحاتها ومساحتها كاملة للحدث، فيما تابعت المواقع الإلكترونية والتلفزيونات المركزية تغطية الحديث مباشرة خطوةً تلو خطوة منذ ساعات الصباح الباكر في مصر، وصولاً إلى بلوغ جلعاد شاليط بيته وأهله.
إنَّ تعاطي الإعلام العبري مع صفقة التبادل في الأيام الماضية يمكن تلخيصه على نحوين: الأول هو المتابعة اليومية لوصف «التنازل» الإسرائيلي في هذه القضية، وتعداد «التهم» التي وضع بموجبها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية. بينما كان الثاني عدائياً أكثر بكثير؛ إذ نشرت أمس صحيفة «يديعوت أحرونوت» الأوسع انتشاراً، تقريراً سردت فيه التجهيزات لاستقبال الأسرى في غزة. التقرير نفسه حمل عنواناً «يرقصون على الدم»!