لم تخل جلسة وزراء الخارجية العرب، التي اتخذ فيها قرار تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية ابتداءً من يوم الأربعاء، من النقاشات بين المشاركين، وصلت إلى حد وصف المندوب السوري يوسف الأحمد لرئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بـ«العميل الخائن»، في حين بقي اللبس قائماً بشأن ما جرى مع الوفد الجزائري، في ظل تأكيد مصادر مقرّبة من الوفد السوري أن المندوب الجزائري مُنع من الإدلاء برأيه بحجة رفع الجلسة والتصديق على القرار.
وأكد القرار، الذي تلا مقرراته رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، «تعليق مشاركة وفد حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من 16 تشرين الثاني الجاري إلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها التي وافقت عليها بموجب خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية، التي اعتمدها المجلس الوزاري للجامعة في الثاني من الشهر الجاري». كذلك طالب القرار الذي اتخذ بموافقة 18 دولة، في حين اعترض عليه كل من لبنان واليمن وامتنع العراق عن التصويت، «الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق»، لكنه اعتبر ذلك «قراراً سيادياً لكل دولة»، كذلك اتفق الوزراء على «توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية» على الحكومة السورية.
من جهة ثانية، دعا القرار «الجيش العربي السوري إلى عدم التورط في أعمال العنف والقتل ضد المدنيين»، وتحدث عن «توفير الحماية للمدنيين السوريين، وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية، وفي حال عدم توقف أعمال العنف والقتل، يقوم الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، بما فيها الأمم المتحدة».
وفي ما يتعلق بالمعارضة السورية، تضمن القرار «دعوة جميع أطراف المعارضة السورية إلى الاجتماع في مقر الجامعة العربية خلال ثلاثة أيام، للاتفاق على رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية المقبلة في سوريا، على أن ينظر المجلس في نتائج أعمال هذا الاجتماع، ويقرر ما يراه مناسباً بشأن الاعتراف بالمعارضة السورية».
وبشأن تفاصيل اجتماع وزراء الخارجية العرب، رأت مصادر قريبة من الوفد السوري أن الأمين العام للجامعة العربية لم يكن في أجواء تصعيدية، بدليل تصريح نائبه أحمد بن حلي يوم الجمعة الماضي، إلا أن رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني تولى إقناعه برأيه. وعن تفاصيل ما جرى خلال الجلسة المغلقة، أوضحت المصادر أنه «في بداية الاجتماع الذي دام أقل من ساعة ونصف الساعة، أدلى حمد بن جاسم بمداخلة طويلة قال فيها إن سوريا لم تلتزم بالمبادرة العربية، وأن على الجامعة العربية أن تتخذ قرارات حاسمة من أجل تنفيذ المبادرة ومنع تدويل الأزمة السورية، مؤكداً أن منطلق التحرك العربي هو الحرص على الشعب السوري وعلى مستقبل الجمهورية العربية السورية». بدوره، أدلى العربي، وفقاً للمصادر نفسها، «بمداخلة لم تختلف في مضمونها عن كلام حمد بن جاسم. ثم جرى توزيع مشروع قرار على وزراء الخارجية، وهو صادر عن اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة الأزمة السورية، لكنه عملياً مشروع قطري». وأضافت المصادر «بعدما قرأه الحاضرون، تولّى وزيرا خارجية الجزائر ومصر تخفيف لهجته، إذ إن الاقتراح القطري كان يتضمن تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية. وخلال النقاش، عبّر وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور عن رفضه لاقتراح سحب السفراء، مؤكداً أن لبنان لن يسحب سفيره من سوريا، مشدداً على أهمية العمل على تنفيذ المبادرة العربية كما هي، وبعيداً عن التهديد والوعيد، وضرورة التواصل مع القيادة السورية وعدم اتخاذ أي خطوات أحادية».
وفيما عبّر المندوب اليمني، وفقاً للمصادر، عن رفض بلاده للقرار، قائلاً «إنه يتعارض مع المواثيق والنظم المعمول بها في الجامعة، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن بلاده لن تقبله ولن ترفضه، فسأل حمد بن جاسم عمّن يعترض على الصيغة النهائية للقرار»، عندها «أعلن لبنان واليمن الرفض والعراقي النأي بنفسه». وتضيف المصادر، «وعندما طلب الوزير الجزائري مراد مدلسي الكلام ليناقش في مدى التطابق بين القرار وميثاق الجامعة العربية، تجاهل حمد بن جاسم طلبه، معلناً رفع الجلسة. فرفع المندوب السوري صوته طالباً الكلام، فكرر حمد بن جاسم عبارة «الجلسة رفعت»، فتوجه المندوب السوري إليه بالقول «أنت عميل خائن، ودولتك القزمة تحاول تنفيذ أدوار أكبر من حجمها. وبعد أن تنتصر سوريا سنحاسبكم»، قبل أن يعقد الأحمد مؤتمراً صحافياً فى مقرّ السفارة السورية في القاهرة يعرض خلاله لكواليس القرار، منتقداً الأسلوب الذي اتخذت به الجامعة قرارها، ومشيراً إلى ضرورة صدور القرار بالإجماع لا بمجرد الأغلبية. واتهم الجامعة «بالعمل على استجرار التدخل الأجنبي في سوريا».
من جهته، قال مصدر في وزارة الخارجية المصرية لـ«الأخبار» إن الوزراء لجأوا إلى التصويت بعد خلافات على مشروع القرار المقدَّم من اللجنة الوزارية العربية المكلفة بحل الأزمة السورية. وبعد نحو ساعة من عقد جلسة مغلقة، عُلّق الاجتماع بطلب من رئيس اللجنة الذي عقد مع أعضائها، وزراء خارجية مصر والسودان والجزائر وسلطنة عمان والأمين العام للجامعة نبيل العربي، اجتماعاً تشاورياً. وتوصل الاجتماع إلى صيغة تعليق العضوية وإعطاء مهلة أربعة أيام وإرجاء العقوبات الاقتصادية.