بحسب المواقف المتصاعدة منذ السبت الماضي، فإن جلستي مجلسي الوزراء والنواب، اليوم وغداً، لن تسلما من تداعيات موقف لبنان المعارض لقرارات مجلس وزراء الخارجية العرب في شأن الأزمة السورية، حيث بات من شبه المؤكد أن وزراء جبهة النضال الوطني سيثيرون في جلسة الحكومة اليوم كيفية اتخاذ هذا الموقف ومن شارك في المشاورات التي أدت إلى التصويت بـ«ضد»، وذلك انطلاقاً من أنهم لم يوضعوا كأعضاء في الحكومة في أجواء ما جرى. مع أن رئيس الجبهة النائب وليد جنبلاط نأى بنفسه، أمس، عن التعليق على الأمر، متجاوزاً في موقفه الأسبوعي لجريدة الأنباء مقررات القاهرة، وعاد إلى المبادرة العربية التي رأى فيها «أفضل طريق لخروج سوريا من هذه المحنة، ولوقف مسلسل العنف والعنف المضاد، وهذا لا يحصل إلا بإصلاح سياسي جذري، كما ورد بوضوح في بنود تلك المبادرة»، مجدداً رفضه «التدخل الأجنبي تحت أي حجج كانت»، ومعتبراً أن الحل السياسي «وحده هو الكفيل بإنهاء هذه الأزمة الحادة». وفي ما خصّ إثارة الموضوع في جلسة الأسئلة النيابية غداً، فإنها لن تصل إلى حدّ طرح الثقة بوزير الخارجية، كما لوّح عدد من نواب 14 آذار، لأن هذا الأمر يقتضي آلية تبدأ بطرح سؤال خطي على الحكومة ثم انتظار ردّها، وفي حال عدم اكتفاء السائل بالرد يحوّل سؤاله إلى استجواب، وإذا لم يقتنع بالجواب «فبإمكانه آنذاك طرح الثقة بالوزير المعني أو بالحكومة»، ويكون ذلك في جلسة استجوابية خاصة وليس في جلسة مخصصة للأسئلة كجلسة غد، بحسب ما أوضح النائب روبير غانم. إلا أن ذلك لا يمنع إثارة الموضوع غداً، لكن لتسجيل الموقف فقط. وفي انتظار ما ستكون عليه أجواء جلستي السرايا وساحة النجمة، كان لافتاً أمس بدء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لقاءات دبلوماسية مع سفراء عرب وأجانب، استهلها مع سفير مصر محمد توفيق والأردن زيادة المجالي وسفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلا إيخهورست، على أن يستكملها اليوم، وذلك لعرض «الموقف اللبناني من التطورات الراهنة، ولا سيما القرار الأخير لجامعة الدول العربية في شأن سوريا»، بحسب مكتبه الإعلامي. ونقل المجالي عن ميقاتي قوله «إن الموقف اللبناني الحقيقي هو ما ورد بدقة» على لسانه، وعلى لسان رئيس الجمهورية في طرابلس، أول من أمس.
في هذا الوقت، استمرت شخصيات وأحزاب المعارضة والموالاة بالتعليق على ما حصل في القاهرة، وقاسمها المشترك هو الأسف والشعور بالخزي والخجل، مع اختلاف الأسباب؛ المعارضون يخجلون من «ما فعله وزير الخارجية عدنان منصور والحكومة اللبنانية» بمعارضة القرارات العربية، ووصل الأمر بالنائب معين المرعبي إلى حدّ القول إن الحكومة «أصبحت مجرمة مثل النظام السوري».
أما الموالون فأسفوا للقرارات العربية «المخزية»، وحيّوا موقف الحكومة، «وخصوصاً وزير الخارجية»، ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن «لبنان هو لبنان المقاومة، ولن يأتي اليوم الذي يصبح فيه موقعاً لمعاقبة سوريا، سياسياً أو اقتصادياً، أو أن يصبح معبراً لتدخل عسكري خارجي».
أما وزير الخارجية، فغادر إلى المغرب أمس، بعدما ترك في عهدة منتقديه السؤال الآتي: «يطالبوننا كل يوم بأن نحترم الاتفاقيات والمعاهدات لجهة المحكمة الدولية. فكيف لا نحترم المعاهدات التي تتعلق بلبنان مباشرة؟ هل نتجاوز اتفاق الطائف والاتفاقيات الأمنية المعقودة مع سوريا عام 1991 والاتفاقية الأخوية بين البلدين؟».