يُصنّف الإنتاج الاقتصادي بحسب سهولة أو «تعقيد» عمليات الإنتاج لديه. كلما كانت كمية المعرفة المطلوبة لإنتاج السلع أكبر، ارتفع مقياس «تعقيد» عملية الإنتاج. وكلما زاد «التعقيد»، ندُرَ إنتاج هذه السلع أو الخدمات في بلدان أخرى، ما يُعطيها قدرة تنافسية أعلى.انخفض مستوى «تعقيد» الإنتاج في لبنان، سواء كان سلعاً أو خدمات، بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة. فقد سجّل لبنان تراجعاً في مؤشّر الـ«تعقيد» من المركز 42 عالمياً في عام 2009 إلى المركز 57 في عام 2019، بحسب هذا المؤشّر (التعقيد الاقتصادي) الذي تصدره جامعة هارفارد. ويُظهر هذا الأمر تحوّل التركيز من الإنتاج المعقّد، والنوعي، إلى الإنتاج السهل الذي لا يتطلّب الكثير من العمل المعرفي. وعندما لا تحتاج عملية الإنتاج إلى الكثير من المعرفة، تنتج قيمة مضافة أقلّ ما يؤدي إلى خفض القيمة الفعلية للمنتجات. كما أنه عندما تكون معظم الصادرات قليلة التعقيد، يكون إيجاد أسواق لتصريفها أمراً صعباً. بهذا المعنى يكون إنتاج هذه السلع سهلاً حول العالم، وهناك تنافس كبير على أسواق تصريفها.
أنقر على الرسم البياني لتكبيره

مؤشّر «التعقيد الاقتصادي»، هو مؤشّر لقياس المعرفة الإنتاجية الموجودة لدى اقتصاد معيّن. والمعرفة الإنتاجية هي مجموع المعارف المتراكمة لدى الأشخاص في اقتصاد معيّن، المسؤولة عن إنتاج أنواع من السلع. بالإضافة إلى القدرات على تطبيق هذه المعارف إنتاجياً وتحويلها إلى سلع وخدمات. ويعبّر «التعقيد الاقتصادي» عن تنوع وتعقيد القدرات الإنتاجية التي تشملها صادرات كل بلد. ويفسر هذا المؤشّر الفروق في الدخل بين البلدان، بسبب اختلاف نوع الإنتاج بينها. كما يقوم هذا المؤشّر على احتساب أنواع السلع والخدمات التي يتمّ تصديرها، آخذاً في الاعتبار مدى تعقيد عملية الإنتاج. فكلما زاد حجم الصادرات التي تُعدّ «معقّدة» بالنسبة إلى إجمالي الصادرات، زادت نسبة «التعقيد الاقتصادي» للبلد. ويأخذ المؤشر في الاعتبار مدى التنوّع لدى صادرات البلد ومدى «انتشارها» في البلدان الأخرى، أي عدد البلدان التي تنتج مثلها.
بالنسبة إلى الإنتاج اللبناني، فإنه يمتلك العديد من الصادرات ذات التعقيد العالي، إلا أن حجم هذه الصادرات صغير جداً. فأكثر الصادرات اللبنانية تعقيداً، بحسب المؤشّر الصادر عن جامعة هارفرد، هي الماكينات الصناعية، تليها اللوحات الفنية والأدوات المستخدمة في تظهير الصور، وأجهزة الليزر. إلا أن مجموع صادرات كل هذه الصناعات لا يتعدّى 3.8 ملايين دولار. أما المنتجات التي تحتل حصّة كبيرة من التصدير فهي منتجات ذات تعقيد منخفض كثيراً، مثل الخدمات السياحية (يحتسبها المؤشّر كصادرات)، وتصنيع الذهب والمجوهرات والخدمات المصرفية وصناعات تحويلية مثل المواد الغذائية، بالإضافة إلى المنتجات الزراعية. وتبلغ قيمة تصدير هذه السلع والخدمات الحصّة الأكبر من التصدير، فمثلاً تبلغ قيمة الخدمات السياحية 10 مليارات دولار، والخدمات المالية 1.2 مليار دولار، أما صادرات المجوهرات والذهب فتبلغ حوالى 830 مليون دولار.