أعاد الصراع الروسي الغربي على الأراضي الأوكرانية، تشكيل أولويات الإنفاق لدول الاتحاد الأوروبي. فقد جرى تعديل مفاجئ للميزانيات يضع الأولوية للإنفاق العسكري والضروريات مثل الزراعة والطاقة والمساعدات الإنسانية، مع احتمال خفض تمويل الاحتياجات الأخرى مثل التعليم والخدمات الاجتماعية.زادت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الإنفاق الدفاعي على حلف شمال الأطلسي «ناتو» باستثناء تركيا والولايات المتحدة. وأنفقت المملكة المتحدة والنرويج نفس النسبة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بين عامَي 2014 و2022. ورغم موافقة جميع أعضاء الناتو على مبدأ التمويل بنسبة 2% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن عدداً قليلاً من الدول التزمت به.
أهم تحول في الإنفاق العسكري سجّل في ألمانيا. إذ وعد المستشار أولاف شولتز بزيادة الإنفاق العسكري فوق مستوى الـ2٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهو مستوى لم تبلغه ألمانيا منذ أكثر من ثلاثة عقود. وتضمن التعهد ضخاً فورياً لمبلغ 113 مليار دولار في ميزانية القوات المسلحة. وشهدت اليونان وليتوانيا ولاتفيا وجمهورية سلوفاكيا أكبر زيادة في الإنفاق الدفاعي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بين عامَي 2014 و2022. ازدادت المخاوف بشأن صحة النظام المالي في أوروبا منذ أن أدى الصراع في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة، ما أدى إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عقود عدّة، وبالتالي دفع البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة بقوة، وتسبّب في عمليات بيع في أسواق السندات والأسهم. أضاف الصراع في أوكرانيا أزمة أخرى إلى سلسلة الأزمات التي أثرت على أوروبا على مدى العقد ونصف العقد الماضيين. خصوصاً في عالمٍ لا يزال يتعافى من عواقب جائحة كورونا. ما يؤلم أوروبا بشكل خاص، أنها فيما كانت تحاول خفض حجم كتلتها النقدية، باتت مضطرة إلى شراء الغاز الطبيعي المسال من خارج مصدرها الأساسي روسيا، ولو كان سعره 4 أضعاف الغاز الروسي. عملياً سيتم تمويل نفقاتها الإضافية العسكرية وشراء المحروقات، من خلال الاستدانة.