تعبَق رائحة الآيكوس في الأرجاء. أينما حللت، ترى قطعة بلاستيكية ساذجة تلتصق بالأصابع ، توحي، من بعيد، أنها مصاصة أكثر من كونها وسيلة تدخين. تنقشع الرؤية عندما نخطو مقتربين، فندرك أنها سيجارة ونرى حاملها أيضاً: المكلوم يريد أن يكون متصلاً بشيء، أن يلتصق بشيءٍ، أن يقبض عليه، معوّضاً بذلك عن التخدير الجاف الذي أصابه، وهو على دراية بأن الدخان المنفوث يزيد شدّة الضباب ولا يزيله.
(تصميم: فرانسوا الدويهي)

تنتشر السيجارة الإلكترونية هذه الأيام كالبكتيريا التي تتضافر في مناخات رطبة وباردة، مثلما يكسو العشب العفن جدران المنازل المهجورة، وهي تؤكد ما هو مؤكد: الرائحة التي تفوح منها، التي تشبه إلى حدّ بعيد، رائحة البراز، هي رائحة الأيام هذه.
يلجأ المدخن إلى السيجارة ليتقيّأ ما ابتلعه منذ الولادة، طارداً حالته من رئتَيه مثلما يدفع من حنجرته الصرخة. السيجارة إذاً صرخة مكتومة مثل نصوصٍ لم تكتب بعد. تمثّل السيجارة حال صاحبها، والذي يخشى على أصابعه أكثر من خشيته على وجهه. ليس هذا العدد عن السيجارة، لا من قريب ولا من بعيد، هو عمّا تمثّله السيجارة: الأحوال. عسى أن يفعل فعلها، في أن يكون منفساً، أو فرصةً للزفير، وفي أن تكون نصوصه كالقطران التي تترك بصمتها على الأسنان.