خاص بالموقع- واشنطن| تعتزم حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما العودة إلى طاولة المفاوضات مع روسيا، العام المقبل، بشأن الحدود القانونية الخاصة بالأسلحة النووية الأصغر في ميدان المعارك التي يُنظر إليها على أنها الأكثر عرضة للسرقة أو التحويل. ويأتي ذلك بعد تصديق مجلس الشيوخ الأميركي، يوم الأربعاء الماضي، على معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الجديدة «ستارت 2».
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنه قد يكون الأمر أسهل بالنسبة إلى الرئيس أوباما مع الجمهوريين في مجلس الشيوخ ـ الذين سعوا إلى عرقلة التصديق على المعاهدة الجديدة ـ عما هي الحال مع شركائه الروس في كتابة المعاهدة.
واشتكى الجمهوريون علناً من أن المعاهدة لم تشمل الأسلحة النووية التكتيكية، وهي القنابل القصيرة المدى التي لم تتناولها على الإطلاق معاهدة روسية أميركية. ولتأكيد وجهة نظرهم، مارس الجمهوريون الضغط من أجل قرار ثانوي يدعو أوباما إلى بدء محادثات جديدة مع روسيا في غضون عام.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطة أوباما كانت كذلك على الدوام، ما دام قد أعلنها لمتابعة «ستارت 2»، وحتى الآن لديه الميزة الإضافية لتفويض جمهوري فعلي للتفاوض بشأن اتفاقية خفض تسلح جديدة مع روسيا، وإن كان التحدي في المرة المقبلة سيكون بالفعل في روسيا. فالطرف الروسي من المعاهدة لديه قنابل تكتيكية منتشرة في أوروبا أكثر مما لدى الولايات المتحدة، وهي محورية في العقيدة الدفاعية الروسية ضد هجوم تقليدي مُحتمل من جانب حلف شمالي الأطلسي أو الصين.
من جهته، قال المحلل الأميركي لدى «اتحاد العلماء المعنيين» (وهي مجموعة ضغط للسيطرة على التسلح) ستيفن يونغ، إن الأخبار الجيدة هي أنه مع موافقة مجلس الشيوخ على معاهدة (ستارت الجديدة)، حققت حكومة أوباما الشرط المُسبق اللازم لجعل روسيا تنظر في إجراء خفوضات في القوات النووية التكتيكية. وأضاف يونغ أن الروس مع ذلك سيسعون إلى الإصرار على وضع قيود بشأن الدفاع الصاروخي الأميركي، الأمر الذي لا تميل الحكومة إلى القيام به، وعلى حدّ سواء ليس بوسعها إمراره في حال إحالته على مجلس الشيوخ.
وقالت «نيويورك تايمز» إن معاهدة الحدّ من التسلح الجديدة، مثل المعاهدات السابقة، وضعت قيوداً على الأسلحة النووية الاستراتيجية. ويعني ذلك تلك التي يمكن نقلها مسافات طويلة، ولكن ليس على قنابل قصيرة المدى.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسلحة التكتيكية تشير بوجه عام إلى تلك التي يتراوح مداها ما بين 300 و400 ميل أو أقل من ذلك، ومن ثم تمثّل قلقاً بصفة خاصة لمسؤولين معنيين بالشؤون الخاصة بالحماية ضد عناصر إرهابية تحصل على أسلحة مدمرة من هذا القبيل.
يُذكر أن الولايات المتحدة تحتفظ حالياً بنحو 500 قطعة سلاح تكتيكي، وفقاً لأرقام نشرت العام الجاري. ويقول خبراء إن نحو 180 قطعة منها لا تزال متمركزة في بلغاريا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا، فيما لدى روسيا ما يتراوح بين 3 آلاف قطعة و5 آلاف منها، اعتماداً على التقديرات، فيما قال مسؤولون أميركيون إن موسكو حرّكت المزيد من القطع بالقرب من حلفاء الأطلسي في فصل الربيع الماضي على أقرب تقدير، رداً على نشر نظام الدرع الصاروخي قرب أراضيها.
من جهة أخرى، وصفت صحيفة «واشنطن بوست» إبرام روسيا، يوم الجمعة، صفقة شراء فرقاطتين من طراز «ميسترال» من فرنسا، في صفقة عسكرية تقدر بملايين الدولارات، بأنها غير مسبوقة بين موسكو والغرب. ورأت فيها الصحيفة صياغة لعلاقة متطورة مع أعداء الحرب الباردة السابقين، فضلاً عن أنها المرة الأولى في التاريخ المعاصر التي تعقد فيها روسيا صفقة دفاعية كبرى من هذا القبيل في الخارج، مشيرة إلى أن قرار روسيا جاء بعد تردد طويل ومفاوضات شاقة.
وقالت الصحيفة إن التغيّرات السريعة بلغت ذروتها في قمة الأطلسي، الشهر الماضي في لشبونة، عندما وافق الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف على العمل مع الأطلسي بشأن سبل التعاون مع التحالف بقيادة الولايات المتحدة، في إقامة نظام دفاعي صاروخي خاص بأوروبا.
وتمثل صفقة فرقاطتي «ميسترال»، التي لم يُكشف عن بنودها المالية، نصراً للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في فنّ بيع بلا هوادة، وتعزيزاً لفرنسا في صناعة دفاع حكيمة ومعدل بطالة بنسبة 10 في المئة، حيث أعلن قصر الإليزيه أنها ستوفر نحو 5 ملايين ساعة عمل على مدى 4 أعوام لألف موظف فرنسي مؤهّل في مرفأ «اس ات اكس» في سانت نازاري على ساحل الأطلسي، وقد تقود إلى شراء سفينتين أخريين.
وكانت الصفقة قد لقيت معارضة ستة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي قبل عام، بدعوى أنها ستوحي بأن فرنسا وافقت على أعمال روسيا في جورجيا التي وصفوها بأنها عدوانية وغير مشروعة وتنتهك وقف إطلاق نار تفاوض بشأنه ساركوزي نفسه.
وقالت الصحيفة إن الحكومة الأميركية تلتزم بالصمت علناً بشأن الصفقة حتى الآن، وأنه في قمة لشبونة خرج أوباما عن سبيله للقول إن روسيا لم تعد عدوّة الأطلسي، بل شريكة، رغم الخلافات بشأن جورجيا.