موسكو ــ حبيب فوعانيوبدا تشيرنوميردين رجلاً عقلانياً في تلك السنوات العجاف. حتى إن الروس لا يزالون يتذكرون قوله «نريد إنشاء سوق لا بازار». وأول شعار رفعه بعد ترؤسه الحكومة كان: «ما هو جيد لغازبروم جيد لروسيا».
كان تشيرنوميردين مسالماً. لذلك، حين استولى الإرهابيون على أحد المستشفيات الروسية واحتجزوا مئات الرهائن عام 1995، لم يجد مانعاً من الاتصال هاتفياً بزعيمهم شامل باساييف أمام كاميرات التلفزيون والاتفاق معه على الإفراج عنهم. ولا يزال الروس يتذكرون صراخه «شامل باساييف هل تسمعني؟ أنا تشيرنوميردين». وفي العام نفسه، أسس حركة «روسيا ـ بيتنا».
عام 1998، بعد تدهور صحة يلتسين، وإثر تلميحات من واشنطن إلى تأييد وصول تشيرنوميردين إلى الكرملين، أقاله يلتسين بعد ست سنوات أمضاها وهو يدير البلاد. غير أن العالم يتذكر تشيرنوميردين عندما عيّن عام 1999 مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي لتسوية أزمة البلقان، حيث قام بدور نشط في المباحثات لحل أزمة كوسوفو وإيقاف العمليات الحربية، وأقنع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسوفيتش بضرورة الاستسلام، فيما لا يزال الصرب حتى الآن يتهمونه بخيانة مصالحهم.
وبعد عام من اعتلاء فلاديمير بوتين سدة الرئاسة، آثر تشيرنوميردين الابتعاد عن أضواء موسكو، حيث عيّن عام 2001 سفيراً لروسيا لدى أوكرانيا، وبقي في منصبه حتى عام 2009، حين عيّن مستشاراً للرئيس الروسي لشؤون التعاون الاقتصادي مع رابطة الدول المستقلة. كان تشيرنوميردين «المدير الأحمر»، كمّا سمته الصحافة الليبرالية آنذاك، مهندساً عادياً عمل في المصانع، وحاول الحفاظ على السفينة الروسية، في ظل رئيس مريض ومتهوّر، من الغرق في بوتقة التطرف الإصلاحي.
إنه رئيس الوزراء الذي كان يعزف على الأكورديون لأبناء قريته ويتناول فطوره مع ملكة بريطانيا.