تحفّز إيراني لاتيني صيني للانقضاض على الجردة الأميركيّةجنيف ــ بسام القنطار
تعرض اليوم الولايات المتحدة، للمرة الأولى في تاريخها، سجلها في مجال قضايا حقوق الإنسان. فبعد سنوات من التجاهل، انضمّت الولايات المتحدة إلى عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، بعدما أعربت إدارة الرئيس باراك أوباما عن رغبتها في الحصول على مقعد في المجلس لجعله أكثر فاعلية.
ووفق نظام مجلس حقوق الإنسان، الذي افتتح دورته التاسعة مطلع الشهر الجاري، تخضع جميع دول العالم لمراجعة حول سجلها في حقوق الإنسان كل أربع سنوات. ويضم جدول المراجعة الحالي 15 دولة إلى الولايات المتحدة، أبرزها لبنان وليبيا وموريتانيا وبانما وهوندوراس.

ممثلو الدول باتوا في سياراتهم للمسارعة إلى تسجيل دورهم في الكلام
ومقارنة بمجلس الأمن الدولي، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، فإن تمثيل هذه الدول محدود في مجلس حقوق الإنسان، فهي لا تحتل سوى سبعة من مقاعده البالغ عددها 47. وتحتل أميركا اللاتينية ثمانية مقاعد، بينما تحتل أفريقيا وآسيا 26 مقعداً مناصفة. أما أوروبا الشرقية فتحظى بستة مقاعد. ويجري التصويت على القرارات بالحصول على غالبية الأصوات، من دون تمتع دولة ما بحق النقض «الفيتو».
المشهد داخل أروقة المقرّ الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف ينبئ بأن واقعة اليوم ستكون حامية الوطيس. فدول مثل إيران والصين، التي تعرضت من الولايات المتحدة وحلفائها لنقد لاذع خلال مراجعة سجلها لحقوق الإنسان، قررت أن تردّ الصاع صاعين.
وقت المراجعة الدورية محصور بثلاث ساعات، يترك منها ساعة لممثل الدول المعنية لعرض تقريره، اما الـ١٢٠ دقيقة الباقية فهي من نصيب ممثلي الدول للإدلاء بدلوهم وللردود والمناقشات.
وفي استعادة للمشهد الذي حصل أثناء مناقشة مجلس حقوق الإنسان لسجل إيران، بقي ممثلو الدول في سياراتهم داخل مواقف مقر الأمم المتحدة طوال ليل أول من أمس، بعدما منعوا من المبيت داخل المجلس، وذلك بهدف المسارعة إلى تسجيل دورهم في الكلام.
تدافع وضجيج وانتقادات لاذعة للطريقة التي عامل بها رجال الأمن التابعون للأمم المتحدة الدبلوماسيين، أفضت في النهاية الى طلب ما يزيد على ٨٠ دولة دورها في الكلام اليوم. تحالف دول أميركا اللاتينية، وبالتنسيق مع مجموعة الدول الإسلامية، أفضى إلى أن تكون الدول العشرون التي ستتحدث في البداية معادية لأميركا، ويتوقع أن تكيل سيلاً من الانتقادات والتوصيات اللاذعة للوفد الأميركي.
وإلى جانب العديد من المنظمات غير الحكومية الإيرانية، تشارك ايران بوفد كبير في الاجتماع، لإعلان انتقاداتها للسياسات الأميركية. مصدر من الوفد الدبلوماسي الإيراني قال لـ«الأخبار» إن طهران حاضرة في اللقاء لكي تقول للدول الغربية إنه آن الأوان لوقف ممارسة «عملية الهروب إلى الأمام عبر اتهامها الآخرين بعدم مراعاة حقوق الإنسان للتغطية على الوضع غير الملائم لحقوق الإنسان في بلدانها». كما تنوي كوبا أن تتقدم بمداخلة حول أثر الحصار الاقتصادي والمالي والتجاري ضدها على الشعبين الكوبي والأميركي. وتستند كوبا في مداخلتها الى شبه الإجماع الذي حققه قرار إدانة الحصار عليها في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أسبوعين، والذي لم تصوّت ضده إلا اميركا وإسرائيل.
وإلى جانب قضايا المساواة وعدم التمييز والقصور في التوقيع والمصادقة على المعاهدات الدولية، والخروق الحقوقية في المجال الدستوري والتشريعي، حضر بقوة ملف العراق وأفغانستان في التقارير التي قدمتها ١٠٣ منظمات وائتلافات غير حكومية لُخّصت في تقرير يقع في ٢٦ صفحة. وطالب التقرير بضرورة مساءلة الولايات المتحدة عن الانتهاكات التي ترتكبها في أفغانستان والعراق بوصفها قوة محتلة. كما دعا إلى إعادة تقويم قوانين الأمن القومي ومكافحة الإرهاب التي تطبق على منظمات المجتمع المدني، مشيراً إلى أن «سياسات الأمن وقوانينه تتسبب في خلق عراقيل غير ضرورية وغير منطقية أمام النشاطات المشروعة التي تنفّذها منظمات المجتمع المدني».
وما يزيد موقف الولايات المتحدة سوءاً العدد غير المسبوق من ممثلي منظمات المجتمع المدني الأميركي الذين حضروا الى جنيف (اكثر من ٤٥٠ منظمة) وقدموا عشرات التقارير التي تنتقد القصور الفاضح في سجل حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، بما في ذلك التمييز في حبس المشتبه فيهم من دون توجيه اتهامات محددة، إلى جانب السياسات الوحشية للهجرة‏.‏
وقال ألفريد دي زايس لـ«الأخبار»، وهو محام أميركي وأستاذ في العلاقات الدولية، إن ممارسات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة ليست فقط دون المستوى منذ سنوات طويلة ولكنها تعكس أيضاً تآكلاً حاداً في حماية حقوق الإنسان في البلاد منذ هجمات ‏11‏ أيلول.‏

طهران حاضرة لكي توقف عملية الهروب إلى الأمام عبر اتهام الآخرين
وأكد دبلوماسي أميركي مأذون له من البعثة الدائمة في جنيف، في مقابلة مع «الأخبار» أن حكومة بلاده لا تخاف النقد من أي جهة أتى. ولفت إلى أن «البعثة لديها الثقة بأن جميع الانتقادات التي ستعرض في جنيف سبق أن أعلنها في أميركا، وهذا يثبت أننا بلد ديموقراطي». وأضاف «ستُقبل العديد من التوصيات التي ستقدم إلينا لكننا بالتأكيد لن نعير الاهتمام للنقد السياسي وللاستخدام الرخيص لمنبر الأمم المتحدة ضدنا من جانب دول سجلها في حقوق الإنسان معروف من العالم أجمع».
ومن التوصيات المتوقع صدورها في ختام مناقشة التقرير الأميركي مطالبتها بأن تصدق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية الحماية من الاختفاء القسري، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما سيوصي المجلس بسحب الولايات المتحدة جميع التحفظات والتفاهمات والإعلانات التي تقوّض امتثالها للمعاهدات الدولية وتلغي موضعها وغرضها من الناحية العملانية. ومن المعلوم أن الحكومة الأميركية أعلنت أنها ستطبق فقط المعاهدات التي تكون أحكامها مشمولة بـ«ولايتها القضائية» ووضعت بذلك نظامها الاتحادي عائقاً أمام التنفيذ.
وعلى الرغم من كثرة التشريعات المتعلقة بمكافحة التمييز وبالحقوق المدنية، لا يزال هناك تفاوت واسع في مجالات مثل الإسكان والعمالة والتعليم والرعاية الصحية ونظام العدالة الجنائية.


العراق أولاً كما قدم د. صباح قزاز جردة حول النهب المنظم الذي مارسته قوات الاحتلال في العراق وسيطرتها على أموال المصرف المركزي وعائدات النفط. ولقد استندت جميع المداخلات الى موقع ويكيلكس، الذي كشف عن وثائق التعذيب الأميركية في العراق، وكان لحضور مدير الموقع الاسترالي جوليان أسانج إلى نادي الصحافة في جنيف وقع الكارثة على البعثة الأميركية‏.