لم تكن ملاحظة تضامن معظم الإيرانيين مع معاناة أهل غزة خلال المهرجان السابع عشر للصحافة ووكالات الأنباء تحتاج إلى جهد، حيث الإجماع على الدعاء للشعب المحاصر بالنصر، وتأكيد رفض ما يتعرض له
طهران ــ جمانة فرحات
تسمرت عيناه أمام الصور. مرت الثواني وهو يتأملها قبل أن تساعده صورة دخان القنابل أثناء تناثرها على عدد من المباني ليستدرك بأن ما يقف مذهولاً أمام فظاعته ليس سوى بعض آثار العدوان الإسرائيلي على شعب غزة. عندها فقط تخلى زائر المهرجان السابع عشر للصحافة ووكالات الأنباء، الذي استضافته طهران، عن صمته وانطلقت الكلمات من بين شفتيه مطلقة العنان للحديث عن مدى كرهه لإسرائيل وجرائمها، داعياً لشعب غزة وأطفاله بالنصر لأنهم «إخواننا».
«إخواننا» عبارة تكررت على لسان المئات من زائري المهرجان بعد مشاهدتهم لعدد من الصور التي عرضتها «الأخبار» والتي تجسد معاناة شعب غزة خلال العدوان الأخير.
والتضامن مع شعب غزة اختصره الإيراني ناصر الدين حسن زارده، وهو ينظر إلى صورة فتاة من غزة تعرضت لإصابة بالغة في رأسها، بينما يحاول أحد الأشخاص مساعدتها، بالقول: «بناتهم أخواتنا، وأبناؤهم إخواننا، ونحن نشعر بالألم مثل شعور آباء المصابين»، قبل أن يعرب عن أمله أن «يضمحل أعداؤهم، وخاصة إسرائيل وكل البلدان التي تساعدها». ويضيف: «أكبر أملي يوم يصاب الأوروبيون بهذه المصيبة». فبرأيه «60 عاماً مضت والدماء تسفك، وعليهم (أي الأوروبيين) أن يجيبوا لماذا التاريخ فعل ذلك»، قبل أن يخلص إلى القول: «النصر لشعب غزة».
أمّا مهدي حلفي، وهو طالب فيزياء إيراني، فاستغرب «كيفية مساعدة الدول الاستعمارية لدول موجودة في الشرق الأوسط ليس لديها حريات، فيما يتخاذلون عن نصرة شعب غزة» المحاصر والمحروم أبسط مقومات الحياة، مشيراً إلى أن «الحرية التي يتكلمون عليها طوال الوقت إنما هي في خدمة مصالح الدول القوية الاستعمارية فقط».
من جهته، يرى أحمد رضا توكلي، بعدما أبدى أسفه وهو يتأمل صور أطفال جرحى على سرير أحد المستشفيات، أن غزة المحاصرة هي «أكثر منطقة محرومة وبلا امتيازات في العالم»، مبدياً تذمره من آداء الدول الإسلامية تجاه القطاع، على اعتبار أن هذه الدول «تستطيع تقديم خدمات أكثر لشعب غزة».
تخاذل عن مساعدة غزة تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى، من وجهة نظر كل من علي رضا أنصاري وجهاد جواني، الدول العربية. ويرفض أنصاري فكرة استسلام العرب، معرباً عن اعتقاده بأنه «إذا تجمع العرب واتحدوا فإن مشكلة فلسطين وغزة ستجد حلاً». ويرى أن أولى الخطوات باتجاه مساعدة الفلسطينيين تتمثل في الكف عن الإدلاء بالخطابات والكلام الذي لا طائل منه والتركيز على الأفعال لفك الحصار.
وبعدما أبدى أنصاري تشككه في إمكان تغير الوضع على الرغم من امتلاك العرب لأموال وقدرات أهم من إسرائيل، طالب الدول العربية بالاتعاظ من اليهود الموالين لإسرائيل والمنتشرين في مختلف بقاع العالم، مؤلفين مجموعات ضغط تنجح في معظم الأحيان في إيصالهم إلى مبتغاهم الذي يمثل مصالح الدول العبرية.
بدوره، يؤكد جهاني ضعف الدور العربي وعدم مساعدة غزة من الدول العربية كما يفترض، مشيراً إلى أن مظلومية أهل غزة على أيدي القوات الإسرائيلية تجعل معظم الإيرانيين يفكرون بهم دائماً، قبل أن يختم حديثه بالتأكيد أن الإيرانيين لن ينسوا مطلقاً غزة وأطفالها.