مثّل تبنّي تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» إرسال الطردين المفخخين اللذين ضبطا في بريطانيا ودبي، وتوافر معلومات عن خطط جديدة لزرع عبوات ناسفة داخل هدايا متجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة، جرس إنذار بشأن تعاظم خطورة التنظيم وضرورة تضافر الجهود لمحاولة القضاء عليه. خطورة تتعدد أسبابها. فالتنظيم الذي يتخذ من اليمن مقراً له، أثبت أنه قادر رغم إفشال اثنتين من محاولاته بفعل معلومات استخبارية على تنفيذ عمليات «نوعية» استطاعت أن تربك حركة النقل الجوي مراراً. كذلك تثير قدرة التنظيم على مواصلة التخطيط لهجمات جديدة، على الرغم من الحملة التي تشنها عليه السلطات اليمنية إلى جانب عمليات غير معلنة لطائرات أميركية من دون طيار استهدفت عدداً من قادته خلال الأشهر الماضية، علامات استفهام حول قدرة التنظيم على التكيف مع محاولات القضاء عليه.
تكيّف يشكّل تعميقاً لمأزق الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، الذي حرص دوماً على الظهور بمظهر شريك الغرب في مكافحة الإرهاب.
وبات على صالح أن يواجه اليوم انتقادات حلفائه الغربيين بعدما ثبت عجز أجهزته الأمنية عن تولي زمام المبادرة، في وقت يثير فيه تفضيل الاستخبارات السعودية إبلاغ الأجهزة الأمنية الغربية بما توافر لديها من معلومات حاسمة عن الطرود، مقابل حجبها عن الأجهزة اليمنية علامات استفهام حول مآلات العلاقة بين الرياض وصنعاء.
كذلك، فإن تخلي المسؤولين الأميركيين عن سياسة التكتم حيال العمليات التي تجري من قبلهم في اليمن منذ مدة، والإعلان صراحة عن نشر الولايات المتحدة طائرات من دون طيار، بالتزامن مع إبداء بريطانيا استعدادها لإرسال قوات خاصة إلى اليمن، دفعت الرئيس اليمني إلى التنديد بمحاولات التدخل في شؤون بلاده، أملاً في امتصاص غضب شعبي من المنتظر أن يواجهه مع تكشف المزيد من التفاصيل حول مدى التدخل الأجنبي في البلاد.
وعلى هذا المنوال، لم يكن مستغرباً أن يعتبر رئيس الوزراء اليمني، علي مجور، أن «القاعدة صناعة غربية، ولم تكن على الإطلاق صناعة يمنية»، وذلك في أعقاب موجة من الإجراءات الأمنية المشددة أدّت إلى تعليق العديد من شركات الطيران، آخرها شركتا الإمارات والاتحاد، لعمليات الشحن من اليمن.
وحاول وزير الخارجية أبو بكر القربي إلقاء اللوم حول مآلات الأوضاع في بلاده على الغرب بقوله «لقد أطلق اليمن تحذيراته المبكرة من خطورة الإرهاب على الأمن الدولي وقبل أحداث 11 أيلول، لكن للأسف لم نجد تجاوباً مع تلك التحذيرات والدعوة المبكرة لمحاربة هذه الآفة».
بدوره، أشار وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إلى أن بلاده تدرس سبل تعزيز قدرات القوات اليمنية ضمن مجموعة من الاحتمالات، في مقدمها التركيز على التدريب.
أما وزير الداخلية اليمني، مطهر رشاد المصري، فقد جهد في محاولة نفي أي تورط لعناصر يمنية مع التنظيم بقوله إن «المنتمين إلى عناصر القاعدة في اليمن ليسوا من مواليد اليمن، وإنما ولدوا ونأوا في دول أخرى، ثم جاؤوا إلى اليمن ليمارسوا الإرهاب»، في إشارة إلى مركزية دور عدد من العناصر السعودية داخل التنظيم، إلى جانب رجل الدين المتشدد أيمن العولقي، الذي أصدر القضاء اليمني أمراً بالقبض «القهري» عليه.
(الأخبار)