إسطنبول | بعد تكليفه تشكيل الحكومة المؤقتة، دعا أحمد داوود أوغلو خمسة من أعضاء حزب «الشعب الجمهوري» وثلاثة من كل من حزب «الحركة القومية» ومن حزب «الشعوب الديموقراطي»، إلى المشاركة في الحكومة التي ستحكم البلاد حتى موعد الانتخابات الجديدة في الأول من تشرين الثاني المقبل.
الرد جاء سريعاً من أعضاء «الشعب الجمهوري» المعارض الذين أكدوا أنهم لن يشاركوا في هذه الحكومة. كذلك، رفض اثنان من أعضاء «الحركة القومية» المشاركة فيها، بحجة أنها ستضم ممثلين عن «الشعوب الديموقراطي» الكردي، الخصم الأول للحزب التركي اليميني. إلا أن تورغول توركش، نجل مؤسس الحزب ارتوغرول توركش، وافق على المشاركة في الحكومة، فيما قدّم نائب رئيس الحزب، سميح يالتشين، استقالته من منصبه استنكاراً لسياسات زعيم الحزب دولت بهتشلي في موضوع الحكومة.
من جهتهم، قال ممثلو «الشعوب الديموقراطي» إنهم سيشاركون في الحكومة. وسيختار داوود أوغلو شخصيات مستقلة من خارج البرلمان، ليحلوا محل أعضاء «الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية» اللذين رفضا المشاركة. وتتوقع الأوساط السياسية أن يتم اختيار شخصيات حقوقية وأكاديمية وقيادات نقابية مقرّبة من «العدالة والتنمية».
وحرص داوود أوغلو على اختيار أعضاء أتراك لا أكراد، ممثلين عن حزب «الشعوب الديموقراطي». من بين هؤلاء الثلاثة، شخصان من الطائفة العلوية وآخر ماركسي، في محاولة منه لكسب ودّ العلويين في الانتخابات المقبلة. وكان داوود أوغلو قد التقى أول من أمس بقيادات دينية علوية، في محاولة تندرج في السياق نفسه، لا سيما بعدما بيّنت استطلاعات الرأي أن غالبية العلويين، وعددهم نحو ١٠ ملايين ناخب، قد صوّتوا لحزبي «الشعب الجمهوري» و«الشعوب الديموقراطي».
في غضون ذلك، كلّف الرئيس رجب طيب أردوغان عدداً من شركات الاستطلاع بإجراء استطلاعات متتالية للتأكد من ميول الناخب حتى موعد الانتخابات المقبلة. وقالت المعلومات إن هذه الشركات قد أجرت خلال الشهر الجاري ١٢ دراسة، آخرها أثبتت أن شعبية «العدالة والتنمية» هذا الأسبوع تتراوح بين ٣٨ و40٪، باستثناء استطلاع واحد فقط توقّع لـ«العدالة والتنمية» أن يحصل على ٤١٪، وهي النسبة نفسها التي حصل عليها في انتخابات السابع من حزيران الماضي.
وتتوقع الأوساط السياسية أن يتبنى أردوغان شخصياً الحملة الانتخابية لـ«العدالة والتنمية»، في تكرار لمخالفة الدستور التي ارتكبها في الانتخابات الماضية، وفي محاولة أخيرة منه لضمان فوز «العدالة والتنمية». كذلك، سيستغل الرئيس التوتر الحالي مع حزب «العمال الكردستاني» في الحرب المتواصلة حالياً، لتحقيق المزيد من التجييش ولكسب أصوات الناخبين القوميين، بعدما أثبتت استطلاعات الرأي تراجعاً ملحوظاً في شعبية «الحركة القومية» بسبب سياساته الخاطئة منذ السابع من حزيران، حين ساهم في انتخاب مرشح «العدالة والتنمية» رئيساً للبرلمان، ورفض الائتلاف مع حزب «الشعب الجمهوري» بحجة أن هذه الحكومة ستكون مدعومة من «الشعوب الديموقراطي».
وعلى صعيد آخر، هدّد أردوغان الإعلام المعارض، متّهماً إياه بـ«دعم الإرهاب والارهابيين» من خلال الأخبار والتحليلات، وأضاف أنه «لو حصل مثل هذا الأمر في أوروبا، لتم إغلاق هذه الصحف وسَجْن الإعلاميين».
في هذا الوقت، يستمر التناقض في المواقف الأميركية ــ التركية إزاء الأزمة السورية وقضيتي الفصائل الكردية ومحاربة تنظيم «داعش». فبعدما كذّب المسؤولون الأميركيون التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، في ما يتعلّق بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، وكذلك بالنسبة إلى الإعداد لعمليات عسكرية مشتركة ضد «داعش»، تحدثت المعلومات الصحافية عن إنذار أميركي لأنقرة يتعلق بعدم الاقتراب من المواقع والمناطق التي يسيطر عليها حزب «الاتحاد الديموقراطي» في شمال سوريا وعلى طول ٥٠٠ كلم من الشريط الحدودي السوري مع تركيا.
إلى ذلك، أشارت المعلومات أيضاً إلى أن أردوغان، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، أعطى أوامر لرئيس الأركان الجديد المقرّب منه شخصياً بإقامة عرض عسكري كبير يوم ٣٠ آب الجاري لمناسبة عيد النصر. وتوقعت مصادر تركية أن يكون هذا العرض «أعظم من عروض الجيش الأحمر السوفياتي، بل حتى من احتفالات وعروض الجيش الألماني في عهد هتلر».