نيويورك ـ نزار عبود خاص بالموقع- تكاد الولايات المتحدة تقول إنه يحق لها أن تفرح بانتصار ما مهما كان هزيلاً. هذا ما خرجت به مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، لتؤكده في مزاحمة آسيوية على الفوز بمقعد في مجلس إدارة هيئة جديدة أنشأها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للمنظمة الدولية تحمل اسم «نساء الأمم المتحدة». هيئة معنية بتعزيز حقوق المرأة وتمكينها من الحصول على حقوقها على مستوى العالم، وسيكون لها دور يتجاوز التشريعات والقوانين المحلية والشرعية في المستقبل.
في هذا المجلس، يحق لآسيا نيل عشرة مقاعد، ولأفريقيا عدد مماثل. بينما تتوزع المقاعد الباقية على مختلف القارات والأقاليم بمعايير تتراوح بين نيل ما لا يقل عن 38 من أصل 54 صوتاً، مجموع أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أو بشراء المقعد مالياً من خلال التبرعات والمساهمات في صندوق الهيئة الجديدة التي تبلغ ميزانيتها السنوية 500 مليون دولار. ويحق للدول المساهمة الحصول على ستة مقاعد لفترات مختلفة.
بهذه الخلفية جرت المنافسة في انتخابات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أول من أمس في نيويورك. كانت إيران ناجحة بالتزكية من بين عشر دول آسيوية، بعضها أبصر النور في وقت غير بعيد، مثل تيمور ليشته (تيمور الشرقية). ولم يرق واشنطن أن تتمثل إيران في المجلس، فأوعزت لأغنى الدول الآسيوية بعد الصين بأن تترشح كمنافسة لها، فضلاً عن تزكية تيمور ليشته للعضوية. ودخلت رايس إلى قاعة الانتخابات بنفسها متحركة بين السفراء والوفود موزعة الابتسامات وعبارات المجاملة، وحتى القُبل في كباش دبلوماسي مكشوف. ونجحت مساعيها، فضلاً عن نفوذ اليابان وقوتها الاقتصادية العالمية، في هزيمة إيران التي نالت رغم ذلك 19 صوتاً من أصل 54.

رايس، دون غيرها، سارعت لعقد مؤتمر صحافي بعد الحدث معربة عن ترحيبها بالنتيجة. فسُئلت عن أسباب الوقوف بقوة في وجه عضوية إيران، بينما أحجمت عن التفوه بكلمة انتقاد حيال السعودية، التي «حتى (المعارضة) الإيرانية شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل قالت إن وضع المرأة في السعودية أسوأ من وضعها في إيران»، حسبما ورد في صيغة السؤال لمراسلة شبكة «بي بي سي» البريطانية.



فكان رد رايس أنها ليست بصدد نفي أن الكثير من الدول الفائزة بمقعد في المجلس «لا تتمتع بسجل نجومي في مجال حقوق المرأة، فضلاً عن حقوق الإنسان. لكن ما حصل اليوم في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، حيث صوّتنا على بضع حصص، وإحداها حصة آسيوية متنازع عليها، أرادت إيران الفوز بمقعد في مجلس نساء الأمم المتحدة، لكنها خسرت».



الولايات المتحدة لم تكتف بتشجيع اليابان على ترشيح نفسها، بل كانت وراء ترشيح تيمور ليشته، التي لا تتمع بأي سجل ينمّ عن دعم لحقوق المرأة، فضلاً عن استباحة الأرواح فيها على نطاق واسع.
مع ذلك كانت رايس مرحبة بفوزها، وقالت إن «الحصة التي اختيرت، بما فيها تلك التي تضم تيمور ليشته، مؤلفة من دول ملتزمة عموماً بحقوق المرأة، ولديها سجل جيد»، مضيفة: «ونحن نرحب حتى بعضوية تيمور ليشته مع دول آسيوية أخرى».
وفازت بمجلس الهيئة الجديدة الذي يباشر عمله قبل نهاية العام عن آسيا، كل من بنغلادش والصين والهند وإندونيسيا وكازاخستان واليابان وماليزيا وباكستان وكوريا الجنوبية وتيمور ليشته.

واختار المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كلاً من المكسيك والنروج والسعودية وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، أعضاءً بصفتها دولاً مساهمة في الميزانية لمدة 3 أعوام.



ونالت مجموعة من الدول عضوية لمدة عامين وفقاً لنسبة مساهماتها. وهذه تشمل الأرجنتين وبنغلادش والبرازيل وساحل العاج والكونغو الديموقراطية، والسلفادور وإستونيا وفرنسا والهند وإيطاليا وليبيا وماليزيا وباكستان وروسيا وتنزانيا وتيمور ليشته. ويبلغ مجموع أعضاء مجلس الهيئة 41.



وتأتي هيئة نساء الأمم المتحدة، لتدمج مجموعة من الهيئات والكيانات الدولية معاً بميزانية تصل إلى ضعفي ميزانياتها مجتمعة وقدرها 500 مليون دولار. وتشمل صندوق تنمية المرأة التابع للأمم المتحدة (يونيفيم) مع قسم تطوير المرأة ومكتب المستشار الخاص لقضايا الجنس مع معهد الأبحاث والتدريب الدولي التابع للأمم المتحدة الخاص بتطوير وضع المرأة (يو أن إنسترو).

وستكون الهيئة الجديدة التي اعتمدت تأسيسها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار صدر في الثاني من تموز الماضي برئاسة رئيس التشيلي السابق، ميشال باتشيليت. ومهمتها تولي تعزيز دور المرأة ونيلها حقوقها الكاملة على مستوى عالمي.
أحد الأهداف يرمي إلى دعم «مفوضية وضع المرأة» وغيرها من الهيئات الحكومية في مجال رسم السياسات الخاصة بالمرأة. كذلك ستساعد الحكومات على تطبيق معايير معينة، وتقديم الدعم الفني والمالي للدول التي تطلبها. وستتولى إنشاء شراكات مساعدة مع المجتمع المدني والتدخل في شؤون المرأة في مختلف الدول. ومن أدوارها محاسبة الأمم المتحدة نفسها على أي تقصير في المساواة في المعاملة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات.