خاص بالموقع - ربما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما، يأمل حين بدأ جولته الآسيوية أن يضع هزيمة حزبه في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس وراء ظهره، لكنها لاحقته طوال الرحلة.وأنهى أوباما جولته التي شملت زيارة للهند وأندونيسيا وحضور قمّتين اقتصاديتين في كوريا الجنوبية واليابان، محققاً نجاحات على مستوى العلاقات العامة في أول محطتين، لكنه أصيب بخيبة أمل في ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية وهي المحور الرئيسي لجولته.
وقال الخبير في السياسات الآسيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أرنست باور، «سعى الرئيس إلى توجيه رسالة تفيد بأنه يدرك أهمية التجارة من أجل انتعاش اقتصادي قوي ومستدام في الولايات المتحدة وتوفير فرص عمل جديدة في البلاد».
وأضاف «لكنه لم يمسك بعد بزمام الأمور على الساحة التجارية كما أوضحت زيارته لكوريا».
وتصدى قادة أجانب لأوباما في قمة مجموعة العشرين في سيول، ورفضوا تأييد رغبة واشنطن في وضع أهداف محددة تعزز مسعاه للوصول الى نمو عالمي متوازن والضغط على الصين للتحرك نحو سعر صرف تحركه السوق.
وفي انتكاسة محرجة لكل من أوباما والرئيس الكوري لي ميونج باك، فشل مفاوضون أميركيون وكوريون جنوبيون في التوصل الى اتفاق بشأن اتفاقية التجارة الحرة المتعثرة بين البلدين بعدما تعهد أوباما بأن تكون الاتفاقية جاهزة مع بدء زيارته.
وفي اليابان، حيث حضر أوباما المنتدى الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، لم تحقق واشنطن تقدماً يذكر في جهودها للتوسع في اتفاق الشراكة التجارية عبر الأطلسي.
وقال المؤرخ وخبير السياسة العامة في جامعة برينستون في نيوجيرزي، جوليان زيليزر، «من الواضح أن الرحلة كانت أصعب مما كان يأمل أوباما. كان الاستقبال الفاتر للسياسة النقدية الأميركية الذي حظي بتغطية واسعة من الصحافة العالمية لحظة صعبة». وأضاف «كشف إلى أيّ مدى أضعفت انتخابات التجديد النصفي مكانة أوباما السياسية، ومدى تأثير القوى العالمية على قدرة الولايات المتحدة على تحقيق انتعاش».
وغادر الرئيس الديموقراطي إلى آسيا بعد ثلاثة أيام فقط من تكبد حزبه أكبر خسارة في انتخابات التجديد النصفي على أيدي ناخبين قلقين من تعثر الاقتصاد الأميركي ونسبة بطالة تقف قرب عشرة في المئة لما يزيد على عام.
وكان هدف الزيارة مواجهة هذا الإحباط مع التركيز على فتح أسواق جديدة للسلع الأميركية وتحسين صورة الوظائف، لذا كان التوقيت صعباً جداً.
وقال وليام جالستون من معهد بروكينغز في واشنطن، «التغطية الإعلامية كانت سلبية إلى حدّ كبير. الصورة المهيمنة كانت لرئيس تحاصره المشاكل يمثل أمة أصابها الوهن». وأضاف «الخلاصة هي أنها لم تكن الزيارة التي يحتاج إليها رئيس مني بخسارة في الانتخابات».
أما في الهند فعزز أوباما علاقته الوثيقة مع حكومة رئيس الوزراء مانموهان سينغ خلال زيارة رسمية، مؤيداً مطلب الهند لمقعد دائم في مجلس الأمن ورفع القيود على تجارتها.
كذلك أعلن أوباما، الذي رافقه وفد ضخم من رجال الأعمال، إبرام صفقات قال إن من شأنها توفير 50 ألف فرصة عمل في الولايات المتحدة..
وحقق أوباما نجاحاً آخر على صعيد العلاقات العامة خلال زيارته لأندونيسيا التي لم تزد على 17 ساعة بسبب ثورة بركان، وكان قد عاش فيها أربع سنوات في طفولته. ووقّع الرئيس الأميركي اتفاقاً لتعزيز العلاقات واستغل الوقت في أكبر دولة تضم أغلبية مسلمة في التواصل مع العالم الإسلامي. وكان أكبر انتصار له في جاكرتا تواصله مع العامة.
وفي كل محطات جولته أظهر علاقات وثيقة بالقادة الذين ينظرون إلى نفوذ أميركا في آسيا كثقل موازٍ للصين القوية.
وقال والتر أندرسن من كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز في واشنطن، «الولايات المتحدة ليست قوية كفاية للتعامل مع تحديات متعددة بمفردها وتحتاج إلى شركاء»، قبل أن يضيف «لكن لدينا القوة الكافية ـ وسنظل كذلك لسنوات ـ كي ترغب الديموقراطيات في آسيا في الحفاظ على ارتباطها بنا».
في غضون ذلك، رأى الرئيس الأميركي من على متن الطائرة التي أقلته من جولته الآسيوية في طريق العودة إلى واشنطن، أن على بلاده أن «تسرّع لعبتها» لتستطيع التنافس مع الاقتصادات الآسيوية القوية التي اطلع عليها خلال جولته الأخيرة في بعض دول آسيا، مضيفاً إن الأخيرة «تتوق» إلى القيادة الأميركية.
وقال أوباما للصحافيين «أولاً أظنّ أن آسيا تواقة إلى القيادة الأميركية. رأينا ذلك في الهند، وأندونيسيا وخلال قمة مجموعة العشرين (في سيول) و«إبك» (في اليابان)».
ورأى أن ذلك لم يظهر فقط من القيادات، بل من الشعب أيضاً، مضيفاً «علينا أن نشعر بالثقة بقدرتنا على المنافسة، لكن سيكون علينا تسريع لعبتنا» كي تتمكن واشنطن من التنافس مع الاقتصادات الآسيوية القوية.
وقال إنه بعد فترة من الظروف الاقتصادية الصعبة في أميركا «هناك ميل بالنسبة إلينا أن نتصور أن آسيا على نحو ما تتحرك ونحن نُسينا».
وداخلياً، توقع أوباما بعض التسويات خلال جلسة «البطة العرجاء» لمجلسي النواب والشيوخ، وهي الجلسة التي تلي انتخاب رئيس لكل منهما، لكن قبل تسلمه مهماته، كما توقع بعض التحرك بشأن الضرائب ومعاهدة تقليص الأسلحة الاستراتيجية مع روسيا «ستارت 2».

(رويترز، يو بي آي)