إجماع على موعد 2015 لبدء الانسحاب من أفغانستان... وإيجابيّة روسيّة تجاه «الدرع»تشهد لشبونة، اليوم، ولادة بيان ختامي سيخرج مساءً عن قادة حلف شمالي الأطلسي وزعماء أجانب حلّوا ضيوفاً استثنائيين لمرات نادرة على قمتهم السنوية التي بقيت عناوينها: أفغانستان والدرع الصاروخية، والأهم توسيع رقعة الحروب الأطلسيةلم يحمل اليوم الأول من قمة لشبونة لحلف شمالي الأطلسي أي مفاجآت، ربما لأن مثل هذه القمم غالباً ما تكون بروتوكولية شكلية، بما أن العمل الجدي يسبقها خلف الكواليس وقبل توافد زعماء الدول الـ 28 والضيوف على قاعة المؤتمرات.
في العلن، بقيت الملفات الأساسية تُختَصَر باثنين: أفغانستان وتعزيز التنسيق الغربي لجعل موعد بدء الانسحاب عامي 2014 و2015 قابلاً للتنفيذ. ومشروع الدرع الصاروخية المنوي توسيعها لرومانيا وتشيكيا وتركيا، وظهور شروط تركية عكّرت صفو الأطلسيين رغم الإشارات الإيجابية التي أعربت عنها روسيا إزاء هذه الدرع بما أنها غير مستهدفة منها، بعكس حال إيران وكوريا الشمالية. أما في السر، فقد كانت النقطة الرئيسية على طاولة زعماء الغرب في اجتماعاتهم المغلقة تُختصَر بكلمة واحدة: «عولمة مهمات الحلف الأطلسي»، وفرضه، نهائياً، شرطياً عالمياً بيده عصا غليظة والقليل من الدبلوماسية تحت عنوان: استعداد الحلف لمهمات مشابهة للحرب الأفغانية في المستقبل.
وظهر أمس، كان معظم زعماء الدول الأطلسية الـ 28 قد وصلوا إلى لشبونة، على وقع تظاهرات مناهضة وحماية أمنية مشددة كالعادة. ومن بين الواصلين، الرئيس الأميركي باراك أوباما الهارب من أزماته الداخلية إلى حلفائه الغربيين والروس، عله ينال منهم دعماً أفغانياً يخفف عنه الضغوط الجمهورية في بلاده.
وتضاربت المعلومات الأميركية عن المطلوب من الأطلسيين إزاء أفغانستان؛ ففيما أكد مسؤولون أميركيون أن «الأطلسي» مستعد لبدء نقل المسؤولية الأمنية إلى القوات الأفغانية ابتداءً من العام المقبل حتى سحب غالبية القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول عام 2015، فقد شكك زعماء رفيعو المستوى في الحلف وفي وزارة الدفاع الأميركية بهذه الإمكانية التي تبقى «طموحاً» غير واقعي بحسب «البنتاغون».
وقالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون من لشبونة، إن الولايات المتحدة والحلف استمعا لرؤية الرئيس الأفغاني حميد قرضاي (المشارك في أعمال القمة ويلتقي مع أوباما اليوم) بخصوص موعد 2014 ـــــ 2015، وإنهما يناقشان مخاوفه.
وأشارت كلينتون إلى أن زعماء «الأطلسي» سيتفقون اليوم «على بدء انتقال المسؤولية الأمنية إلى القوات الأفغانية ابتداءً من العام المقبل بنية وهدف تسلُّم الحكومة والشعب في أفغانستان الأمن نهاية عام 2014، وفي الوقت نفسه سيستمر التزام الدعم المدني».
وبالنسبة إلى أفغانستان، سيوافق الزعماء اليوم أيضاً على «بيان رؤية جديدة» لمدة عشر سنوات، يؤكد الحاجة إلى أن يكون الحلف «مستعداً لمهمات (عسكرية) مماثلة (للحرب الأفغانية) في المستقبل».
وكان أوباما قد نشط إعلامياً في اليومين الماضيين، للتأكيد أن تقليل عدد القوات الأميركية في أفغانستان سيبدأ في تموز المقبل، متعهداً التزام المصالحة بين حكومة قرضاي وحركة «طالبان».
إلا أن أكبر ممثل مدني لحلف شمالي الأطلسي في أفغانستان مارك سدويل، ضرب عرض الحائط بالتفاؤل الأميركي عندما جزم بأن سوء الحالة الأمنية في أفغانستان قد يرجئ تاريخ تسليم الأمن إلى الأفغان، وهو ما عادت وزارة الدفاع الأميركية لتكرره بما أن تسلم القوات الأفغانية مسؤولية الأمن بحلول نهاية عام 2014 أو مطلع 2015 «هو مجرد مطمح وقد لا يكون ممكناً تحقيقه في كل أنحاء البلاد».
واتخذ أوباما وإدارته لقمّة لشبونة عنواناً معبّراً عن النيات الأميركية الحقيقية في جعل حلفهم أقوى ذراع عسكرية لواشنطن، وهو «إعطاء دفع للحلف من أجل مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين»، و«بيان رؤية جديدة لمدة عشر سنوات يؤكد الحاجة إلى أن يكون الحلف مستعداً لمهمات (عسكرية) مماثلة في المستقبل». لذلك، يتوقع أن تركز كلمة أوباما على طلب الحصول على التزام بعيد الأمد من حلفائه في أفغانستان.
وسيجد أوباما من حلفائه الغربيين إصراراً على التقيد بتاريخ إنهاء العمليات القتالية في 2014 ـــــ 2015، وهو ما سارع الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي أندرس فوغ راسموسن ورئيس الحكومة البريطانية دايفيد كاميرون ومسؤولة السياسات الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى الاصرار عليه فور وصولهم إلى العاصمة البرتغالية.
أما بشأن الدرع الصاروخية الأطلسية، فقد تجلت المصالحة الروسية ـــــ الأميركية ـــــ الأوروبية بمفاجأة فجّرها الكرملين بإعلانه ما يشبه الترحيب بهذه الدرع. وسيعرض الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف نظرته إلى الموضوع في خطاب اليوم، «ليطرح بعض الأفكار حول الطريقة التي سنتعامل بها في مجال الدفاع المضاد للصواريخ خلال السنوات المقبلة»، بحسب المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي سيرغي بريخودكو. وأعرب عن اعتقاده بأن الفكرة المطروحة بشأن إنشاء منظومة مشتركة للدفاع المضاد للصواريخ بين روسيا وحلف شمالي الأطلسي «قابلة للتحقق على المدى المتوسط شرط توافر الإرادة السياسية».
كلام إيجابي قابله راسموسن بالقول إن مشاركة ميدفيديف في القمة «ستفتح حقبة جديدة من علاقات التحالف العسكرية مع روسيا»، خصوصاً بعد الطلاق الكبير الذي شهدته مرحلة ما بعد حرب جورجيا صيف 2008.
أما المعني الرئيسي بالدرع الصاروخية، تركيا، فقد كرر رئيسها الموجود في لشبونة، عبد الله غول، شروط أنقرة للموافقة على استضافة جزء من نظام الرادار الصاروخي على قاعدة أن «للمصالح التركية الأولوية خلال اتخاذ قرار بشأن المشروع».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)