أحياناً يكون التواصل السياسي بين المعارضة التركية وحكام أنقرة أصعب ما يكون، وأحياناً يكون سهلاً لدرجة تصبح مواقع التواصل الاجتماعي الأداة الفضلى له
أرنست خوري
معروف عن الرئيس التركي عبد الله غول مواكبته لآخر تقنيات الثورة التكنولوجية بمقدار التزامه الديني. من هنا، فإنّ كمال كليتش دار أوغلو، زعيم الحزب المعارض الأكبر، «الشعب الجمهوري»، ارتأى التواصل معه والضغط عليه في قضية شديدة الحساسية، أي الحرية الدينية، من باب حق ارتداء طالبات المدارس الحجاب الإسلامي من عدمه، عبر صفحته على موقع «تويتر».
وكتب كليتش دار أوغلو لغول يوم السبت: «سيدي الرئيس. لا تشعر بالاضطراب، فإن دافعتَ عن وجهة نظرنا من قضية الحجاب، فسينتهي النقاش عندكَ. هل سيكون من حق الفتيات ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية أم لا؟ عليكَ أن تقول إن الحجاب غير معقول في المدارس الابتدائية إن كنتَ تريد أن تشعر بالراحة». وتابع زعيم حزب مصطفى كمال نصحه للرئيس غول بالقول «عليكَ أن تقول إن الفتيات اللواتي لم يبلغنَ بعد سنّ النضج، لا يمكنهنَّ تغطية رؤوسهن بإرادتهنّ. إن فعلتَ ذلك، فستشعر أنت والجمهور بالراحة».
تراجع ملحوظ في موقع المعارضة في تفاوضها بشأن الحجاب
ومَن يدقّق في كلام كليتش دار أوغلو، يلاحظ كم تراجَع موقع المعارضة في تفاوضها مع حكام «العدالة والتنمية» في موضوع كان الحديث فيه قبل أشهر أقرب إلى الممنوعات، اجتماعياً وسياسياً. فمنذ أشهر فقط، قرّر «المجلس الأعلى للتعليم» السماح لطالبات الجامعات بارتداء الحجاب، ما حرّرهنّ من إلزامية وضع شعر مستعار فوق حجابهنّ كلما أردنَ الدخول إلى الحرم الجامعي. وبسرعة، صارت طالبات المدارس (أو ذووهنّ) يردنَ أيضاً ارتداء «الرمز الديني» الذي يبقى رمزاً سياسياً بالنسبة إلى المعارضة الكمالية العلمانية، وصار الموضوع الأساسي في البلد يدور حول ما إذا كان يجدر السماح للقاصرات بارتدائه أو لا. وفجأة، دخلت السيدة الأولى المحجَّبة خير النساء غول على الخط الساخن للنقاش، بينما فضّل زوجها الرئيس النأي بنفسه عن الدخول في هذا السجال «ما دام هناك أمور أكثر أهمية مطروحة»، معرباً عن اقتناعه بأنه يجب السماح للجميع بطرح آرائهم بحرية بشأن هذا الموضوع. أما السيدة غول، فسبق أن قالت الأسبوع الماضي إنها لا تعتقد أن طالبات المدارس الابتدائية (بين سن الخامسة والـ11 تقريباً) يغطّين رؤوسهنّ بقرارهنّ الخاص والمستقل، وهو ما فتح أبواب السجال على مصاريعها.
ففيما دعم غول زوجته، بدا أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان غير موافق تماماً، عندما رفض التعليق على «تصريحات شخصية تتطرّق إلى تعريف الحريات، ما دام لديّ تعريف مختلف لها».