مع قضاء الرئيس الكولومبي الجديد خوان مانويل سانتوس 100 يوم في السلطة، بدأت معطيات عهده الجديد في الظهور، ولا سيما لجهة التقارب مع الجوار وبعض التمايز عن سلفه ألفارو أوريبي
بول الأشقر
عقد وزراء خارجية ودفاع الإكوادور وكولومبيا أول من أمس اجتماعاً حاسماً لإعادة العلاقات المقطوعة بين البلدين منذ آذار 2008 بعد الهجوم على مخيم «الفارك» داخل الأراضي الإكوادورية، الذي قضى فيه القيادي راوول ريس. وشاءت المصادفة أن يعقد الاجتماع 3 أيام بعد غارة جديدة شبيهة في المنطقة نفسها ـــــ على الطرف الكولومبي من الحدود هذه المرة ـــــ خلفت 14 قتيلاً، منهم 8 نساء وطفلان يرجح أن يكون واحد منهم من التابعية الإكوادورية. وبعكس الهجوم الأول الذي أدى إلى قطع العلاقات بين البلدين، وكان آنذاك الرئيس الكولومبي الحالي خوان مانويل سانتوس وزيراً للدفاع في حكومة ألفارو أوريبي، لن تؤدي الغارة الجديدة إلى توترات بين البلدين ولن تعكر العلاقات بينهما.
وفي إشارة واضحة إلى تغيّر المناخ بين الإكوادور وفنزويلا من جهة وكولومبيا من جهة أخرى، لم تؤجَّل اجتماعات الوزراء، فيما سلمت فنزويلا السلطات الكولومبية قبل يومين ثلاثة عناصر من الكفاح المسلح الكولومبي ـــــ اثنان من الفارك وواحدة من «جيش التحرر الوطني» ـــــ فيما ستبعد كولومبيا مهرب المخدرات الفنزويلي وليد مقلد إلى كراكاس، رغم أنه مطلوب من العدالة الأميركية.
من جهة أخرى، أكمل الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس أول مئة يوم من ولايته، وهو لا يزال يعيش شهر عسل في علاقته مع الرأي العام. ودل آخر استطلاعات الرأي على أن سانتوس يحظى بتأييد 73 في المئة من الكولومبيين، فيما بقيت شعبية الرئيس السابق ألفارو أوريبي مرتفعة وفي المستوى نفسه.
ويدل الاستطلاع على أن الكولومبيين يؤيدون بأكثرية ساحقة، وبنسبة 83 في المئة التقارب الحاصل مع فنزويلا. وقال سانتوس أخيراً إنه يجد الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز «أقرب أصدقائه الجدد». وينقسم الرأي العام الكولومبي بشأن تقويم عهد سانتوس، إذ يرى 50 في المئة أن سانتوس هو «استمرار لحكم أوريبي»، ويرى 46 في المئة أنه «يمثّل تغييراً بالنسبة إلى سلفه».
ويؤيد 75 في المئة من الكولومبيين أن تعوض الدولة ضحايا العنف، وفي ذلك تمايز عن الموقف «الأوريبي» الذي يرفض اعتبار عنف الدولة «مساوياً» لعنف الفارك أو الباراميليتاريس. ويؤيد 74 في المئة من الكولومبيين إجراء حوار مع منظمات الكفاح المسلح.

شهر العسل مستمر مع الرأي العام: 73 في المئة يؤيدون سانتوس

وفي ما يخص أوريبي، يرى 59 في المئة من الكولومبيين أن عليه أن يعتزل السياسة، و37 في المئة يرون أن يستمر في الحياة السياسية.
والتناقضات والالتباسات الواردة في هذا الاستطلاع ستستمر حسب مراقبي الحياة السياسية الكولومبية حتى تبلور المسارات القضائية الداخلية التي ستحاكم الرئيس السابق ألفارو أوريبي وتحدد إذا كان قد اضطهد المجلس الدستوري والسياسيين والصحافيين المعارضين، ومسؤوليته في التنصت على هؤلاء خلال ولايته. إلا أن الخبراء لا يعولون كثيراً على مقاضاة أوريبي دولياً، ويرون أنها لن تؤدي إلا إلى رص الصفوف حوله. وقد بدأت الخطوات التمهيدية لهذه المحاكمة في الكونغرس، فيما التحقيقات والاعتقالات في أوساط معاونيه مستمرة بشأن فضائح التنصت.
وقبل 3 أيام، هربت مديرة الاستخبارات السابقة المتهمة بالتنصت وطلبت اللجوء السياسي في باناما. عندئذ، ستنجلي صورة خوان مانويل سانتوس ويتضح ما له وما عليه، في ضوء مصير ألفارو أوريبي الذي يحاول من ناحيته استغلال الانتخابات البلدية المقبلة لإثبات لسانتوس والآخرين أنه يبقى اللاعب الأكبر وأنه لا مجال لتخلي عنه وعن شعبيته.