لائحة الأهداف الإرهابيّة تشمل برج إيفل ومحطة برلين المركزيةباريس ــ بسّام الطيارة
في لفتة إعلامية غريبة واستثنائية، صدر بيان عن وزارة الخارجية الفرنسية، أول من أمس، يُعلن أن السلطات الفرنسية أخذت علماً بالبيان التحذيري الذي أصدرته واشنطن لرعاياها في أوروبا.
وقال بيان «الكي دورسيه» إن هذا التحذير الأميركي «هو في سياق التوصيات العامة نفسها التي نوجهها إلى مواطنينا». وشدد على أن «التواصل مع الشركاء في مسائل محاربة الإرهاب منتظم».
كذلك أكد المتحدث الرسمي في وزارة الخارجية، برنار فاليرو، أن الإشارات إلى التهديدات الإرهابية التي صدرت عن الدوائر الأميركية «تخضع للتحليل والمطابقة». وأضاف أن «التهديد الإرهابي في فرنسا يبقى مرتفعاً ومستوى الإنذار على حاله من دون تغيير، أي أحمر».
ويرى البعض في هذا البيان «انزعاجاً فرنسياً» من التشديد على الإرهاب على الأراضي الفرنسية، كأن فرنسا (إضافة إلى ألمانيا) هي مستهدفة حصراً، إضافة إلى ذكر التحذير «قطاع المواصلات والمراكز السياحية»، تحت عنوان «خطر إرهابي كبير». ويشدد خبراء على أن «الإشارة الأولى إلى عمل إرهابي كبير وصلت بين ١٥ و١٦ أيلول» وأُخذت في الاعتبار. وتحدث البعض عن «البحث عن امرأة انطلقت للقيام بتفجير كبير»، وقد صادف بعد أيام حصول عملية اختطاف الرهائن الفرنسيين في آرليت شمال النيجر، من دون أن يعني هذا «تراجع مستوى الحيطة» على الأراضي الفرنسية.
وتؤكد بعض المصادر أن التحذيرات التي صدرت عن واشنطن تستند إلى معلومات استخبارية حصلت عليها وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية «سي آي إيه» من سجين موجود في سجن باغرام، ونقلتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية.
كذلك ذكرت شبكة «فوكس نيوز»، نقلاً عن مسؤولين، أن برج إيفل في باريس أو محطة برلين المركزية واردان بين مواقع أخرى تسجّل نسبة ارتياد كبرى في أوروبا، على لائحة أهداف اعتداءات محتملة حصلت عليها أجهزة الاستخبارات الغربية.
وقال مسؤول غربي في الاستخبارات إن هذه اللائحة قد يكون نقلها «مواطن ألماني ـــــ باكستاني استُجوب في قاعدة باغرام» العسكرية الأميركية في أفغانستان.
وعلى هذه اللائحة أيضاً، بحسب «فوكس نيوز»، فندق أدلون الفخم قرب بوابة براندبرغ في برلين، وبرج التلفزيون في الكسندربلاتز في العاصمة الألمانية، وكاتدرائية السيدة العذراء (نوتردام) في باريس.
لكنّ عدداً من الخبراء يحذرون «من التلاعب الذي يقوم به السجناء»، وهي استراتيجية تعتمد على إبقاء التوتر عالياً بهدف استنزاف مجهود القوى الأمنية الغربية مع ربطها بـ«استنزاف مالي» نتيجة الخسائر التي تترتّب جرّاء حالات الطوارئ المستدامة.
هذا قد لا يعني عدم وجود أخطار إرهابية توجب الحيطة، إلا أن الخوف هو من الدخول في مرحلة «تراخ» في حال تكرار التحذيرات، وهو ما يسمّيه الخبراء «تخدير الرقابة»، يضاف إلى ذلك الخوف من اعتبار البعض أن التحذيرات التي صدرت قبل أسبوعين في فرنسا من قبل وزير الداخلية بريس هوتوفو محاولة لتحويل الأنظار عن ملفات الداخلية كالغجر ونزع الجنسية.
ويحذر الخبير الفرنسي في الإرهاب، فرانسوا هيسبورغ، في تصريحات لجريدة «لوموند»، من الوقوع في أخطاء استراتيجية في إجراءات محاربة الإرهاب والأمن المدني في فرنسا. ويشير إلى ضرورة وجود شرطين لكسب معركة الداخل ضدّ الإرهاب: الأول «ترابط منطقي بين ما يقال للرأي العام وما يراه من إجراءات التي لم تتغير خلال الأيام الأخيرة، وهو أمر يمكن أن يدخل الشك في صحة التحذيرات ويدفع بالحيطة إلى التراخي. الشرط الثاني يتعلق بضرورة المحافظة على ملء الثقة بقدرة الأجهزة الأمنية المهنية على محاربة الإرهاب فقط».
ويشير هنا هيسبورغ إلى الاتهامات التي سيقت أخيراً إلى جهاز الاستخبارات المركزية بالتدخل في ملفات عدة، منها ملف التنصّت على صحافي أو محاولة معرفة مصدر شائعات دارت حول حياة كارلا بروني الخاصة.
رغم هذا، يقرّ معظم الخبراء بقدرة الأجهزة الأمنية الفرنسية العالية على العمل ضدّ التنظيمات الإرهابية، والنفاذ إلى داخلها وملاحقة تحركاتها، ولا سيما أن فرنسا، مثلها مثل عدد من الدول المشاركة في الحرب الأفغانية، مستهدفة دائماً من الأطراف الإرهابية.
في المقابل، فإن عدداً من الخبراء يرفض استعمال تعبير «خطر داهم»، ويشدّد على أن السلطات الأمنية ودوائر مكافحة الإرهاب «لا تستعمل تعابير كهذه إطلاقاً». ويؤكد هؤلاء وجود «تغيير في نمط الاستهداف الإرهابي لفرنسا». فالإرهابيون يرونها «هدفاً مفضّلاً» لأسباب عديدة، من ضمنها المشاركة في الحرب في أفغانستان، إضافة إلى علاقاتها المتشابكة داخل أفريقيا الشمالية واستثماراتها في البلاد الساحلية. لكنّ وجود عناصر تهديد لا يستدعي زيادة نسبة الإجراءات الأمنية. وهذا ما يزعج الفرنسيين في التحذيرات الأميركية المكررة.
وفي السياق، أصدرت وزارة الخارجية اليابانية تحذيراً إلى مواطنيها المسافرين إلى أوروبا أو المقيمين هناك من خطر اعتداءات إرهابية محتملة. كذلك دعت السلطات اليابانية رعاياها إلى توخّي الحذر في أوروبا، ولا سيما قرب الأهداف المحتمل أن تتعرض لاعتداءات، كالمباني العامة ووسائل النقل المشترك والمعالم السياحية.
وكانت معلومات أوردتها وسائل إعلام أميركية وبريطانية، الأسبوع الماضي، قد أفادت بأن أجهزة الاستخبارات الغربية أحبطت مخططات أعدّها أشخاص مرتبطون بتنظيم «القاعدة» لتنفيذ هجمات إرهابية في مدن كبرى في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على غرار اعتداءات مومباي في الهند في 2008 والتي أدّت إلى مقتل 166 شخصاً.