أقرّت الولايات المتحدة بالمأزق الذي تواجهه المفاوضات، مشيرة إلى أن لا حلول مفترضة قريباً، ما يفتح الباب أمام اختبار خيارات السلطة
واشنطن ـ محمد سعيد
حذرت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إسرائيل والسلطة الفلسطينية من أنه «ليس من حلّ سحري للمأزق الراهن بشأن المفاوضات»، معربة عن «التزام الولايات المتحدة مواصلة دعمها لحل الدولتين». ودعت الدول العربية إلى البدء «بتنفيذ مبادرة السلام العربية التي كانت قد أقرتها منذ عام 2002»، مشيرة إلى حاجة السلطة الفلسطينية «لمزيد من الدعم المالي».
وقالت كلينتون، في خطاب خلال عشاء سنوي لمؤسسة «اميركان تاسك فورس اون بالستاين» وهي مجموعة مقربة من الفلسطينيين، «ليس سراً أننا نمر بفترة صعبة. عندما جاء الرئيس (الفلسطيني محمود) عباس ورئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو إلى واشنطن الشهر الماضي لاستئناف المحادثات، أدركنا أنه ستكون هناك انتكاسات وخلافات. موقفنا من المستوطنات معروف ولم يتغير». وأضافت «لا يمكنني أن أقول لكم إن ثمة وصفة سحرية اكتشفتها ستؤدي إلى اجتياز المأزق الراهن، لكننا نسعى كل يوم لخلق الظروف المناسبة».
وتابعت كلينتون: إن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، «سيعود إلى المنطقة قريباً»، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «يدرك أن تحقيق حلم الدولة الفلسطينية يمر عبر مسارين: الأول هو المفاوضات والثاني بناء المؤسسات الفلسطينية التي تؤهل الفلسطينيين لحكم أنفسهم بعد التوصل إلى اتفاق سلام». وأكدت «لم نستسلم».
وأشارت كلينتون إلى أنها تعلم أن «هناك من يعتقدون أنهم اذا انتظروا أو خططوا أو قاتلوا طويلاً بما فيه الكفاية، يمكنهم تفادي تقديم تنازلات. لكني أقول إن الوضع ليس كذلك ولن يضمن هذا سوى مزيد من المعاناة». وشددت على أنه «يجب على إسرائيل أن تفعل المزيد لتخفيف الحصار الاقتصادي عن غزة»، مستدركة أنه «يجب على الدول أن تنأى بنفسها علانية عن حماس وجماعة حزب الله اللبنانية». وتابعت أنه «ينبغى أن يكون للفلسطينيين الحق في تحديد مصيرهم، ولا بد من وضع حد لمهانة الاحتلال وبدء حقبة جديدة من الفرص والوعد والعدالة»، مشيرة إلى أن «الدولة الناشئة ستحتاج إلى مزيد من المساندة، وخصوصاً من العالم العربي».
في هذا الوقت، أعلنت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن «قادة منظمات يهودية – أميركية بارزين مرروا في الأيام الأخيرة رسائل إلى نتنياهو، وأوصوا بتمديد تجميد البناء الاستيطاني والتوصل في أقرب وقت ممكن إلى تفاهم حول الموضوع مع الإدارة الأميركية»، الأمر الذي نفاه مكتب نتنياهو.
وتابعت «معاريف» أن «القادة عبروا عن قلق عميق على مستقبل العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، على خلفية رفض بيبي تمديد التجميد، في أعقاب الانتخابات الوسطى للكونغرس التي ستجري في الشهر المقبل».
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية قولها إن «الاقتراح الأميركي بمنح ضمانات ومكافآت سياسية وأمنية لإسرائيل في مقابل موافقتها على تجميد الاستيطان لفترة محدودة لم تعد سارية المفعول، وأنه يسود في الإدارة الأميركية غضب وشعور بالإهانة».
بدوره، انتقد وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك نتنياهو لإصراره على «مطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل»، مضيفاً أنه «مهم لكن لا ينبغي جعل أمور كهذه عقبة أمام تنفيذ المصالح الهامة فعلاً، ولا ينبغي طرح هذا الأمر في بداية الطريق». وأضاف باراك «من الناحية الفعلية، هناك اعتراف دولي بإسرائيل دولةً يهودية. هذا هو جوهر الدولة ولا أحد بإمكانه إلغاؤه، وتعترف بذلك الولايات المتحدة التي هي أهم بقليل من السلطة الفلسطينية».
وتزامناً مع تحذير المنظمات اليهودية الأميركية، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه منذ نهاية فترة التجميد الجزئي للاستيطان في 26 أيلول الماضي، بدأ العمل على بناء 544 وحدة سكنية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، وهو ما يعادل 4 أضعاف وتيرة البناء الاستيطاني في العامين الماضيين. أمر أكدته حركة «سلام الآن» المناهضة للاستيطان.
فلسطينياً، أعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن «استمرار البناء الاستيطاني في الضفة يمثل تحدياً سافراً للفلسطينيين والعرب والادارة الأميركية والجهود الدولية لتحريك عملية السلام». وقال «لا بد من رد فعل عربي ودولي، ولاسيما أميركي»، موضحاً أن «القيادة الفلسطينية ستقدم دراسة خياراتها للجنة المتابعة العربية في تشرين الثاني المقبل».
من جهة ثانية، قال المستشار السياسي لعباس، نمر حماد، «سنطلب رسمياً من واشنطن الاعتراف بالدولة الفلسطينية».
إلى ذلك، أعلن الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، خلال زيارة وفد الحكماء لحي سلوان في القدس، أن «القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة دولة فلسطين، وأنه مسموح لليهود السكن فيها فقط تحت سيادة فلسطينية».