بعد تدشين المفاوضات المباشرة على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، يبدو أن الدور قد حان على المسار السوري، الذي بدأ يشهد حراكاً خفيفاً تتولاه فرنسا بالدرجة الأولى قبل الدخول الأميركي على الخط. حراك من المرجّح أن يكون الملك الأردني عبد الله الثاني قد مهّد له خلال زيارته المفاجئة إلى العاصمة السورية الأسبوع الماضي. زيارة تذكّر بأخرى، مفاجئة أيضاً، قام بها الملك الأردني إلى دمشق في 18 تشرين الثاني من عام 2007، قبل عشرة أيام من انعقاد مؤتمر أنابوليس للسلام في واشنطن، الذي شاركت فيه سوريا بنائب وزير الخارجية فيصل المقداد.مسار متشابه من الأحداث يشير إلى تحريك مرتقب للمفاوضات على المسار السوري، قد يكون بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي الشهر المقبل، إذ إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعمل حالياً على التركيز على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، من دون إهمال مسارات أخرى.
الحراك على الخط السوري بدأ مع زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي لعملية السلام في الشرق الأوسط جان كلود كوسران إلى دمشق، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أكد سعي سوريا «الدائم» لتحقيق السلام، مشدداً على «أهمية التنسيق» مع تركيا في هذا الشأن.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن الأسد عرض لكوسران «الرؤية السورية من موضوع السلام»، مؤكداً «سعي سوريا الدائم لتحقيق السلام العادل والشامل المبني على أسس قرارات الشرعية الدولية».
كذلك أكد الأسد، بحسب «سانا»، «أهمية التنسيق مع تركيا في هذا الشأن من أجل البناء على ما جرى التوصل إليه في المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط التركي». وأعرب عن «تقديره للجهود التي تقوم بها فرنسا والرئيس ساركوزي بهذا الخصوص، وعن أمله برؤية تطورات حقيقية في عملية السلام رغم أن السياسات الإسرائيلية لا توحي بذلك».
من جهته، أعرب كوسران، الذي سلم الأسد رسالة خطية من نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، عن رغبة بلاده في المزيد من التعاون مع سوريا «بسبب دورها المركزي في أي عملية تسوية ولدورها الهام في إيجاد الحلول المناسبة للمسائل القائمة في المنطقة». وأكد كوسران تصميم فرنسا على «المساهمة في تحقيق السلام».
من جهة ثانية، لفت انتباه زوار دمشق الاهتمام السوري بزيارة الموفد الفرنسي. وكشف هؤلاء أن كوسران عرض لما تريد بلاده القيام به على صعيد المنطقة، وتقدير رئيسه نيكولا ساركوزي لموقع سوريا «الحاسم في عملية السلام واستقرار المنطقة من فلسطين إلى العراق». وتابع الزوّار أنّ كوسران سمع كلاماً سورياً حاسماً عن «وجود شراكة مع تركيا في ملف المفاوضات مع إسرائيل»، وكذلك عن «ضرورة الحضور الأميركي الفعال في أي مسعى من هذا النوع».
وفي تلبية لرغبة الأسد، من المقرر أن يزور كوسران تركيا، ومنها ينتقل إلى الولايات المتحدة، إلا إذا حُدِّد له موعد مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قريباً في تل أبيب.
وفي السياق، نقلت وكالة «يونايتد برس أنترناشيونال» عن مصادر دبلوماسية غربية مطّلعة قولها إن «المبعوث الأميركي الخاص بعملية السلام جورج ميتشل سيزور سوريا خلال هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع الرئيس الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم بشأن جهود الإدارة الأميركية الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة».
وقالت المصادر إن ميتشل «سيضع القيادة السورية في صورة المفاوضات المباشرة التي بدأت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وسبل دعمها، كما سيؤكد للقيادة السورية التزام الإدارة الأميركية بتحريك المسار السوري الإسرائيلي من منطلق الرغبة بتحقيق سلام شامل في المنطقة».
يشار إلى أن مساعد المبعوث الأميركي للسلام فريدريك هوف زار دمشق مرتين الشهر الماضي للإعداد لزيارة ميتشل وبحث مع المعلم المفاوضات التي انطلقت في واشنطن بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
وكان ميتشل قد أعلن مطلع الشهر الجاري أنّ «الولايات المتحدة تسعى دائماً لإطلاق مفاوضات سلام بين إسرائيل من جهة، وسوريا ولبنان من جهة أخرى». وقال، في حديث صحافي في البيت الأبيض، إنّ «الجهود مستمرة في محاولة لالتزام إسرائيل وسوريا بشكل ما في محادثات سلام بين البلدين، وكذلك بين إسرائيل ولبنان»، مكرراً رغبة الرئيس الأميركي باراك أوباما في «التوصل إلى سلام في كل المنطقة، وليس فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
(الأخبار، سانا، أ ف ب، يو بي آي)