واشنطن ـ محمد سعيد تشهد الوكالات الحكومية الأميركية المدنية والأمنية المعنية بملف اليمن انقساماً حاداً بشأن المساعدات العسكرية لليمن في الحملة التي تشنّها الولايات المتحدة على ما يسمى الإرهاب، بحيث تنفذ قوات العمليات الخاصة عمليات سرّية لملاحقة تنظيم «القاعدة» هناك.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، أن القيادة المركزية الأميركية التي تتخذ من تامبا ـ فلوريدا مقرّاً لها، اقترحت مدّ اليمن بـ 1.2 مليار دولار على شكل معدات عسكرية وتدريب لستّ سنوات مقبلة، تشمل أسلحة آلية وزوارق دورية ساحلية وطائرات نقل ومروحيات وتوسيع نطاق التدريب بما يسمح للمستشارين الأميركيين اللوجستيين بمرافقة القوات اليمنية.
إلاّ أن معارضي الخطة في وزارة الخارجية خصوصاً يخشون من أن تستخدم الأسلحة الأميركية ضدّ المعارضين السياسيين للرئيس علي عبد الله صالح.
وأوضحت الصحيفة أن السجال بين المسؤولين الأميركيين بدأ مع قيام حكومة الرئيس، باراك أوباما، بإعادة تقويم كيفية ووقت استخدام الصواريخ الأميركية ضدّ عناصر «القاعدة» في اليمن عقب الغارة التي نفذتها طائرات أميركية في شهر أيار الماضي، هي الرابعة منذ كانون الأول الماضي، والتي أدت إلى مقتل نائب محافظ مأرب.
ويثير الانقسام الأميركي بشأن المساعدات لليمن تردّداً تواجهه حكومة أوباما أثناء محاولتها تفادي تكرار المحاولة الفاشلة يوم عيد الميلاد الماضي لتفجير طائرة في ديترويت التي قام بها النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، وقيل إنه تدرب في اليمن وله علاقة مع الداعية اليمني الأميركي أنور العولقي الذي يعيش حالياً في اليمن.
ورجحت عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الديموقراطية، جين هارمان، أن «نتعرض لهجوم في الولايات المتحدة من شخص موحى له أو متدرب في اليمن أكثر مما قد يأتي من أفغانستان».
ويقول مسؤولون أميركيون إنهم لا يزالون يسعون إلى إيجاد التوازن الصحيح بين الهجمات الأميركية والمساعدات العسكرية والدعم الإنمائي، ليس فقط في اليمن، بل في باكستان والصومال وغيرهما من الدول التي تنشط فيها مجموعات إسلامية متشددة.
وقد ارتفعت المساعدات العسكرية الأميركية إلى اليمن إلى 155 مليون دولار في العام المالي 2010، مقارنة بخمسة ملايين دولار عام 2006. لكن القادة العسكريين الأميركيين يقولون إن المساعدة الأميركية لليمن مجزأة.
ويقول مؤيدون إن الاقتراح المقدّم من القيادة المركزية التي يقع اليمن في نطاق مسؤوليتها، من شأنه أن يمثل تحولاً إلى نهج أكثر شمولاً لتعزيز القوات اليمنية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري كبير قوله: «إذا كنا نريد القيام بذلك، فيجب أن نقوم به على نحو صحيح، لا بطريقة التنقيط، ثم نتساءل بعد ذلك لماذا ساءت الأمور؟». وأضاف: «إنها مثل حريق الغابة، إنك تكافح لإخماده، لا لمشاهدته».
ويقوم حالياً ما لا يقل عن 75 من عناصر القوات الأميركية الخاصة بتدريب القوات اليمنية. ويقول بعض مؤيدي الخطة إن هؤلاء المستشارين المرافقين أيضاً للقوات اليمنية من على متن طائرات مروحية يقومون بمهماتهم كمستشارين لوجستيين.
ويوضح مسؤولون عسكريون أن المساعدة لليمن ستكون على دفعات تفادياً لإغراق الجيش اليمني الهزيل، وضمان ألاّ تستخدم المعدات العسكرية والقوات التي يدربها خبراء مكافحة الإرهاب الأميركيون، في صراعات محلية.
غير أن المعارضين للخطة، من بينهم السفير الأميركي السابق لدى اليمن، ستيفن سيتشي، يقولون إن التهديد الذي يمثّله نحو 600 من العناصر المتشددة (في إشارة إلى القاعدة) لا يبرر بناء قوة عسكرية على مستوى جيوش القرن الحادي العشرين في واحدة من أكثر الدول العربية فقراً ليس لها دول مجاورة معادية.
ويقترح مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية أن تمنح القوات اليمنية مروحيات نقل للسماح لها بتنفيذ عمليات في مناطق نائية والانتشار بسرعة.
وقال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية، دانيال بنيامين، في ندوة عن الاستراتيجية الأميركية الجديدة في اليمن في معهد الولايات المتحدة للسلام الأسبوع الماضي إن «الاستراتيجية الجديدة تسعى إلى العمل على الأسباب الأساسية لعدم الاستقرار في اليمن وبناء قدرات البلاد».
وأشار إلى أن حكومة أوباما طرحت في 2009 مراجعة واسعة وشاملة للسياسة الأميركية تجاه اليمن وأدت إلى نهج حكومي جديد تجاه اليمن يهدف إلى «تناول جذر أسباب عدم الاستقرار وتحسين الحكم» وتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب.