تواصل السجال السوري ـــــ الأميركي، في اليومين الماضيَين، حول شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن «أنشطة سورية نووية»، وسط إصرار الوكالة على العودة إلى موقع دير الزور لتفتيشه، في مقابل اعتبار دمشق وطهران أنّ القضيّة منتهية، وأن على الوكالة التركيز على النشاطات النووية الإسرائيلية.وبدأ مجلس حكام الوكالة، أول من أمس، اجتماعاته الـ 35 في مقره بالعاصمة النمسوية فيينا، حيث أعاد المندوب الأميركي لدى الوكالة غلين دايفيس مطالبة السلطات السورية بالسماح للمفتشين الدوليين بالعودة إلى موقع دير الزور الذي قصفته المقاتلات الإسرائيلية في أيلول 2007.
وفي تهديد مبطَّن، لوّح دايفيس بأن واشنطن «ستدعم استخدام الوكالة لكل الوسائل التي من شأنها السماح بتقدّم التحقيق» حول منشآت دير الزور. كلام جاء ليتمم ما ورد في التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي عن الوكالة، والذي تحدّث عن رفض دمشق السماح للمفتشين الدوليين بالعودة إلى الموقع المذكور لاستكمال تحقيقاتهم، وهو «ما يهدد الأدلة الميدانية».
وفي بيانه، قال دايفيس إنه «للأسف، وعلى نحو مثير للقلق، يهدد رفض سوريا التعاون مع مفتشي وكالة الطاقة، بتدمير أو ضياع المعلومات التي تشير إلى تورط دمشق في أنشطة نووية غير شرعية». وفي السياق، لفت الدبلوماسي الأميركي إلى ضرورة وضع وكالة الطاقة «آلية لتحقيق خاص» تسمح للمحققين بالبحث في أي مكان في سوريا عن أدلة ممكنة. وقال «ندعم بقوة الأمانة العامة للوكالة الدولية في استخدام كل الوسائل للتثبت من التزام سوريا بكل التزاماتها».
غير أنّ المندوب السوري محمد بادي خطاب جدد كلام قيادته عن أنه لا حاجة لعودة المفتشين الدوليين، لأنّ لدى الوكالة أدلة كافية عن أن موقع دير الزور لم يكن لأغراض نووية. وأعاد التشديد على أنّ جزئيات اليورانيوم التي وُجِدَت في تراب الموقع السوري مصدرها الأسلحة الإسرائيلية التي قصفت دير الزور، داعياً الوكالة إلى فتح تحقيق للتثبّت من مصدر اليورانيوم بالسلاح الإسرائيلي. كلام ردّده المندوب الإيراني علي أصغر سلطانيّة الذي قال «نتطلّع قدماً لنتلقّى نماذج عن منصة الصواريخ الإسرائيلية التي استهدفت سوريا قبل أن يتمّ تنظيف أو تدمير المنطقة المصابة باليورانيوم من قبل النظام الإسرائيلي».
في هذا الوقت، واصلت وزارة الخارجية الأميركية الدفاع عن النووي الإسرائيلي. ورأى المتحدث باسمها فيليب كراولي أن «اسرائيل تعاونت بالكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، و«نعتقد أنه ليس هناك فعلاً أسس من أجل نقاش في الوكالة»، مضيفاً إن المسألة طرحت خلال مؤتمر مراجعة معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية في الربيع، وإن مؤتمراً حول شرق أوسط منزوع الأسلحة النووية متوقعاً عقده في عام 2012.
وبشأن طلب الوكالة من إسرائيل الانضمام الى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، قال كراولي «لا نعتقد أن هذا الأمر ضروري»، و«نرى أن لهذا الطلب قوة مثل قوة تقرير غولدستون قبل عام، لوقف التقدم الذي نراه ممكناً الآن مع استئناف المفاوضات المباشرة» بين إسرائيل والفلسطينيين.
(رويترز)